قلت: لا يخفى على من عنده أدنى تأمّل، ووقف على مؤلّفات الإتقاني، أن ما ذكره ابن حجر، ونقله عن الصفدي وغيره، في حقّ الشيخ، أنه كان من المجمع على علمه، وفضله، وتحقيقه، وبراعته، ومن كان هذا الوصف وصفه، فبعيد أن يصدر منه ما لا يليق بمثله، ولا يحسن بعمله وفضله، مما أضرّبنا عن ذكره، من التعصبّات التي تؤدّي إلى وصف الإنسان بما لا ليس فيه، والجواب في الجميع قال ابن حجر: وقرأت بخطّ القطب: فقيه، فاضل، صاحب فنون من العلم، وله معرفة بالأدب، والمعقول، درّس بمشهد أبي حنيفة بـ "بغداد"، وقدم "دمشق" في رمضان، سنة إحدى وعشرين، ثم دخل "العراق"، سنة اثنتين.
وكانتْ وفاته بـ "مصر"، سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.
قال ابن الشحنة في أوائل "شرح الهداية" في ترجمة الإتقاني: وقد أخبرنا شيخنا الحافظ أبو الوفاء أن الأمير صرغتمش الناصري، كان قصد أن يبني مدرسة، ويقرّر في تدريسها الشيخ علاء الدين الأقرب الحنفي، فقدرت وفاته، [فكانت] ولاية الشيخ قوام الدين بها على أكمل وجوه التعظيم، حتى إنه يوم ألقى الدرس، حضر الأمير صرغتمش إلى منزل الشيخ بقناطر السباع، واستدعاه للحضور، فلما كب الشيخ أخذ الأمير صرغتمش بركابه، واستمرّ ماشيًا في ركابه إلى المدرسة، ومعه جماعة من الأمراء مشاة، فقال له: يا أمير صرغتمش، لا تأخذ في نفسك من مشيك آخذًا بركابي، فقد أخذ بركابي سلطان من بني سلجوق. وكان يومًا مشهودًا.
وذكره الصفدى في "أعيان العصر" و "أعوان النصر"، قال: ونقلت من خطّه -يعني صاحب الترجمة- ما صورته: تاريخ قدومنا "دمشق" في