الكرّة الثانية، في العاشر من شهر رجب، سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ثم لبثنا ثمة إلى أن خرجنا منها، في ثامن صفر، يوم السبت، من سنة إحدى وخمسين وسبعمائة.
قال العبد الفقير إلى الله تعالى أمير كاتب ابن أمير عمر، المدعو بقوام الفارابي الإتقاني: كان تاريخ ولادتي بإتقان، ليلة السبت، التاسع عشر من شوّال، سنة خمس وثمانين وستمائة، وفاراب: مدينة عظيمة من مدائن "الترك" تسمّى بلسان العوام أوترار، وإتقان: اسمٌ لقصبة من قصباتها.
ثم قال: هذا ما أنشأ في دولة السلطان مالك رقاب الأمم، مولى ملوك العرب والعجم، قاهر الكفرة والمشركين، ناصر الإسلام والمسلمين، الملك الناصر فلان، في مدح المقرّ العالي، سيف الدين صرغتمش، رحمه الله تعالى:
فَبَدَا عَلَمًا وَسَمَا كَرَمًا … ونَمَا قَدَمًا ولقد غَلَبَا
وساق القصيدة بتمامها، ثم قال: وأعطاني المقرّ العالي صرغتمش، أيّده الله تعالي، جائزة هذه القصيدة، يوم أنشدتها، عشرة ألف درهم، وملأ يوم الدرس بركة المدرسة بالسكر وماء الليمون، فسقى بذلك الناس أجمعين، وخلع على بعد الدرس خلعتين، وخلع على ابني همام الدين أيضًا، ثم لما خرجت حملني على بغلة شهباء، مع السرج. المِفضض واللجام، وكان اليوم يومًا يؤرخ، فيا لها قصة في شرحها طول.
انتهى ما نقلته عن الصفدي، مع حذف ما ليس في ذكره كبير فائدة، وأما هو فقد نقله بحروفه.
قلت: أما علم الشيخ، وفضله، وإتقانه، فما لا يشك فيه، وأما إنشاؤه نثرًا ونظمًا، فالذي يظهر من كلامه، وعقود نظامه، أن العربية