الحكم الإسلامي بهذه الديار، الذي دَامَ نحو ألف سنة، وظلَّتْ -ولا تزال- في مُعْظَم عهوده عاصمةً وحيدةً.
قال محرّر مجلة الداعي: مَثُلَتْ صورتُه أمامَ عَيْنَيَّ -ضمن ذكريات عن عهد تعلّمي بدار العلوم ديوبند- وهو يمشي على قَدَمَيْه في إحدى مَدْرَجَات دار العلوم ديوبند -أكبر وأعرق الجامعات الإسلاميّة الأهليّة بشبه القارة الهنديّة- منتهيًا من إلقاء درس في حصّة من الحصص، خارجًا من فصله، والابتسامةُ ترقص على شَفَتَيْه حسب العادة، والمِسَّرات تَتَفَجَّرُ من مُحَيَّاه، والانتعاشُ يَنْبَعِث من أسارير وجهه، وهو يُطْلِق فِقَرات فُكاهِيَّة، يفيض بها كلَّ وقت ذكاؤُه المِلْهِم، وتَطْوَافُه على كتب شتّى الموضوعات، ويُمْتِع بها جمعًا من الطلّاب يسير حولَه كالعادة، يستمتع بصحبته المِطْرِبة؛ فلم يُعْهَدْ يسير وحدَه مهما كان الوقتُ وأيًّا كان الجوُّ؛ لأنّ جماعة من الطلاب كانت تُلَازِمُه دائمًا مُلازَمَة الظلّ، حتى في نُزْهَته الصباحيّة والمسائية؛ فقد كان نُزْهِيًّا، كان لا يتخلّى عن النزهة، ولو كان اليومُ مطِيرًا، أو كان هو في السفر، أو أصابته وَعْكَةٌ صحيّةٌ، ما لم تقعد به عن المشي، أو يمنعه الطبيبُ عنه.
وكان فريدًا بين أقرانه، ومُعَاصِريه من العلماء، والمِثَقَّفِين في هذه المواظبة الدقيقة على ممارسة النزهة والجولة الصباحيّة والمسائيّة، التي تَعَوَّدَها منذ أوائل عمره؛ فكان يعتمدها ركيزةً من ركائز الصحة الأساسيّة.
قال محرّر مجلة الداعي: ومثلتْ صورتُه لديّ وهو يقوم بالتدريس في فصله الدراسي بالجامعة، والطلاب مُتَسَمِّرون، كأنَّ على رؤوسهم الطيرَ، يحرصون على أن لا تفوتهم كلمةٌ مما يقوله لهم؛ لكون محاضرته مبنيَّةً على الدراسة الواسعة، ومُلْقَاةً بأسلوب، يتّسم بالروعة والتنسيق، والحماس والصياغة الجميلة، مُمَدٍّ بالجدّ والهزل لحلال بنسبة مُتَّزِنَة؛ مما يجعل الطلابَ