وزحف على بلاد "الهند"، وكانت سلطة "الهند" حينئذ في غاية من الوهن والاختلال.
وكان معه في تلك المعركة اثنا عشر ألفا من الرجالة والفرسان، وكان مع خصمه إبراهيم بن إسكندر اللودي ملك "الهند" مائة ألف من الفرسان وألف فيلة، فالتقى الجمعان بين "باني بت" و"كرنال"، فهزمه بابر، وقتل إبراهيم في سلخ جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وقتل مع إبراهيم ستة آلاف من الفرسان، وهرب الآخرون، فدخل "دهلي"، وجلس على سرير الملك، ثم ذهب إلى "آكره"، واستقرّ بها.
وشعر أحد أمراء "الهند" الوثنيين القدامى بخطر قيام حكومة، يحكمها المسلمون الغزاة الوافدون من الخارج، وإفلات الأمر من يده، وهو الأمير رانا سانكا حاكم "جتور"، وكان قائدا، باسلا، محنكا، فعبا جيشا فيه ثمانون ألف فارس وخمسمائة جندي، واتفق معه من الأفغان من كان موتورا منتصرا للأسرة اللودهية الأفغانية، التي انتزع منها بابر الحكم، فتألف بذلك نحو مائتي ألف محارب، وتوجّه الجيش إلى "آكره"، وتوجّه بابر بجيشه، وهو يتألف من اثني عشر ألف جندي، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة للهجرّة، واستقرّ في موضع، يسمّى "كانوه" أو "خانوه".
وكاد الوهن يدبّ إلى جيش بابر، فقام في الجيش، وأعلن نوبته عن تعاطي الخمر، الذي كان معتادا له، واستخلف قادة الجيش على الصمود، حتى يقضى الله في شأنهم، وحميت المعركة، واستعر القتال، وكان الفتح للجيش الإسلامي، وقتل من الجيش المنافس من لا يأتي تحت العدّ والحصر، وكان فتحا حاسما، قضى بقيام حكومة مسلمة، على رأسها الأسرة المغولية من أحفاد بابر، دامت أكثر من ثلاثة قرون،