للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضاق المعتمد بذلك، فكاتب أمراء الأطراف، فوافقه أحمد بن طولون، وواعده أن يحضر إليه، ويحمله معه إلى "مصر"، ويجعلها دار الخلافة، ويذبّ عنه من يُخالفه في ذلك، فتهيأ المعتمد لذلك، واهتمّ أحمد بأمره، فبلغ الموفق، فنصب لأحمد الحرب، وصرّح بعزله، ولعنه، فصرّح أحمد بخلع الموفّق من ولاية العهد، وأمر بلعنه، وخرج أحمد بالعسكر من "مصر"، واستصحب بكّارًا.

فلمّا كان بـ "دمشق"، جاء كتاب المعتمد إلى ابن طولون بخلع الموفق من ولايته العهد، ففعل، وأجاب القضاة كلّهم إلى خلعه، وسماه بكّار الناكث، وأشهد على نفسه هو وسائر قُضاة "الشام" و"الثغور".

وطلب منهم أحمد أن يلعنوا الموفّق، فامتنع بكّار، فألحّ عليه، فأصرّ على الامتناع، حتى أغضبه.

وكان قبل ذلك مكرمًا معظمًا عنده، عارفًا بحقّه، وكان يجيزه في كلّ سنة بألف دينار، فلمّا غضب عليه أرسل إليه: أين جوائزي؟ فقال: على حالها.

فأحضرها من منزله بخواتيمها ستة عشر كيسًا، فقبضها أحمد منه (١).

ثم لم يزلْ عليه في لعن الموفّق، وهو يمتنع من إجابته، إلى أن قال يومًا لأحمد: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (٢).

فقال علي بن الحسين بن طباطبا نقيبُ الطالبيين بـ "مصر": أيها الأمير! إنه عناك.

فغضب أحمد، وأمر بتمزيق ثيابه، وجروه برجله، وليس عليه إلا سراويل وخفان وقلنسوة، وهو مسلوب الثياب (٣)، فضربه رجل بعود حديد على رجله


(١) بعد هذا في رفع الإصر فضل بيان.
(٢) سورة هود ١٨.
(٣) بعد هذا في رفع الإصر فضل بيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>