للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به "القاهرة"، فقدمه لأخيه جاركس المصارع، فلمّا أخيط به صار لناصر، فأقام بالطبقة إلى أن ملك المؤيّد، فأعتقه، وحينئذ ادعاد، واشتراه المؤريّد منه، ثم صار بعد موت المؤيّد خاصكيا، فلمّا استقرّ الأشرف أخرجه عنها مدة، ثم أعاده، واستمرّ إلى أن استقرّ الظاهر، فرام أن يتأمر، كلّم السلطان في ذلك بما فيه خشونة، فأمر بنفيه إلى "قوص"، فأقام مدّة، ثم شفع فيه عنده، فأحضره، وأنعم عليه بامرة عشرة، وقرّره نائب القلعة في رجب سنة أربع وأربعين بعد موت ممجق النوروزي، وقرّبه، وأدناه، واختصّ به إلى الغاية، وصارت له كلمة وحرمة، لكنه لم يحسن عشرة من هو أقرب إليه منه، وأطلق لسانه فيما لا دخل له فيه من أمور المملكة، بحيث كان ذلك سببا لإرساله لـ"لروم" في بعض المهمّات، ثم عاد، فمشى على حالته تلك، فعين أيضا لغزو رودس (١)، فسافر، ثم عاد، فلم يغير طريقته، فأمر بنفيه إلى"القدس"، فتوجّه إليه، وأقام به بطالا إلى أن مات في ليلة الجمعة ثالث رمضان سنة اثنتين وخمسين. وقد زاد على الخمسين، وكان قد اعتنى بالحديث وطلبه وقتا، وأخذ عن شيخنا بقراءته "الكفاية" للخطيب وغيرها، ولازمه، وعن الكلوتاتي، وناصر الدين الفاقوسى، والشمس بن المصري، وقرأ عليه "سنن ابن ماجه" في سنة اثنتين وثلاثين، والزين الزركشي، وطائفة.

ولقي بـ"الشام" ابن ناصر الدين، وبـ"حلب" البرهان الحلبي.

ووصفه شيخنا بصاحبنا المحدّث الفاضل، وسأل هو شيخنا هل رأيت مثل نفسك، فقال: قال الله: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}، وقرأت بخطّه على "تعليق التعليق" له منا ما رآه لشيخنا أثبت منه الألفاظ، التي وصف بها في حكايته شيخنا في كتابي "الجواهر"، وبسفارته أحضر ابن ناظر


(١) رودس: جزيرة مقابل الإسكندرية، على ليلة منها في البحر، معجم البلدان.
وهي شرقيّ الأرخبيل اليوناني. المنجد في الأدب والعلوم ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>