ومن أبيضٍ لا يعرفُ الصفحَ إنَّما … يُقابلهُمْ بالحَدِّ في لبَّة النَّخْر
مَضارِبُهُ لا تنثنِي عن ضَريبةٍ … إذا راحَ يَحْكي البحرَ في المدّ والجَزْرِ
يريش ويبرِي لِلْعِدَى منه أسهُمًا … وفي السَّلْمِ والجدوى يَريشُ ولا يَبْرِي
إذا اعْتَقَلَ الخَطِّيَ كَلَّمَ خَصْمَهُ … بِطُولِ لِسان في تلهّبِهِ جَهْرِي
يُريهم يَقِينَ الموت بالشَّكِ سُرعةً … ويستخرج الأضغان من داخل الصدر
وإن جرّد الهِندى عاينتَ شُعْلَةً … لها شررٌ ترمى به الدهر كالقَصْرِ
يجُرُّهُم لِلْمَوْتِ نُونٌ قِسِيَّهِ … وما خِلتُ أن النُونَ مِن أحْرُفِ الجرِّ
مُواظبة للخمْسِ في طَوْعِ رَبِّها … وخِدْمةِ باريها مُلازمة الوتْرِ
لمدْركةٍ تُنمى كِنَانةُ سَهْمِهِ … وعامِله الميَّادُ يُعزى إلى النَّضْرِ
وأسيافُه مَشْهورةٌ في عِداته … تُذِيقُّهُم بالنكرِ عاقبةَ المِكْرِ
حماسَتُهُ يومَ اللقَا أم تَغَزُّلٌ … يُرِيكَ افْتِنانًا منه بالبِيضِ والسُّمرِ
فما اضْطَرَبَت في غير قلب سيُوفُهُ … ولا اختلجَتْ أرْماحُه في سِوى الصَّدْرِ
فيا للسَّجايا البَرْمَكِية عُوضت … من الكافِ شينًا كم به نِلتَ من فَخْرِ
وكم حُزْتَ من أجرٍ وأوليتَ مِن ندىً … ويَسَّرْتَ مِن عُسْرٍ وأنفَذْتَ من أَسْرِ
ويا حافظَ الإسلامِ من طَعْنِ جاهلٍ … يُصيبُ ويُخْطي في الحديث ولا يدرِي
مَدَدْتَ يَدَ النَّعْمَا بُجودٍ قَصَرْتَهُ … عليكَ لقد أبدعت في المدِ والقَصْرِ
كم لكَ في الهَيْجاءِ مِن عَرَبيَّةٍ … تُباهِي بها الأقرانَ في الكَرِّ والْفَرِّ
لِصَهْرَتِهَا يا فارِسِيَّ زَمانِه … نَحَوْتَ فلم تَعْبَأ بِزَيْدٍ ولا عمرو
مُنَكَّسَةٌ أَعْلامُهُمْ ورُءُوسُهُم … فلا غَرْوَ أن يُبْنَى الجميعُ على الكَسْرِ
وأبْدَيْتَ في فنِّ الحروب مَعاني ال … بدِيعِ تُرُدُّ العَجْزَ منهم على الصدْرِ
خدمتُ سَجاياكَ العُلا بفضيلةٍ … يَتيمةُ فِكْرٍ نُخْبةُ الدهرِ والعُمْر
ومن بحرِك العَجَّاجِ صُغْتُ قصيدةً … كُميتُ فُحول الشِعْرِ من خلفها تَجْرِي
وأرسلتُها منكم إليكم هديةً … ومن عَجب أن تهُدي الدُّرَ للبَحْرِ
يلُفُّ حياءَ وَجْهها طِيبُ نَشْرِها … فَيَحلُو طِبَاقُ الحُسْنِ باللفِّ والنَشْرِ