للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر قاضى القضاة ابن خلكان في "الوفيات" (١) صفة أخرى في مقتل جعفر، وذلك أنه لما زوّج الرشيد جعفرًا من العباسة أخته، أحبّتْه حبًّا شديدًا، فراودتْه عن نفسه، فامتنع أشدّ الامتناع من خشية أمير المؤمنين، فاحتالتْ عليه، وكانت أمّه تهدي إليه في كلّ ليلة جمعةٍ جارية حسناء بكرًا، فقالتْ لأمّه: أدخليني عليه في صفة جارية من تلك الجواري. فهابتْ من ذلك، فتهددتها حتى فعلتْ، فلمّا دخلتْ عليه، وكان لا يتحقّق وجها أمن مهابة الرشيد، فواقعها، فقالتْ له: كيف رأيت خديعة بنات الملوك؟ فقال: ومن أنت؟ فقالتْ: أنا العباسة. وحملتْ منه تلك الليلة، فدخل على أمّه، فقال لها: بعتيني والله برخيص.

ثم أن والد يحيى بن خالد جعل يضيق على عيال الرشيد في النفقة، حتى شكتْه زبيدة إلى الرشيد مرّات، ثم أفضتْ له سرّ العباسة، فاستشاط غضبًا.

ولما أخبرتْه أن الولد قد أرسلتْ به إلى "مكّة"، حجّ عامه ذلك، حتى يتحقّق الأمر، ويقال: إن بعض الجواري نمتْ عليها إلى الرشيد، فأخبرتْه بما وقع من الأمر، وأن الولد بـ "مكة"، وعنده جوار، ومعه أموال، وحلي كثير، فلم يصدقْ، حتى حجّ في السنة الخالية، فكشف عن الحال، فإذا هو كما ذكرت الجارية.

وقد حجّ في هذه السنة يحيى بن خالد الوزير (٢)، وقد استشعر الغضب من الرشيد عليه، فجعل يدعو عند الكعبة: اللّهم إن كان يرضيك عني سلب مالي وولدي وأهلى فافعل ذلك بي، وأبقِ عليهم منهم الفضل. ثم خرج، فلمّا كان عند باب المسجد رجع، فقال: اللّهم والفضل معهم، فإني راضٍ برضاك عني، ولا تستثن منهم أحدًا.


(١) الجزء الأول ٣٣٣.
(٢) انظر البداية والنهاية ١٠: ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>