للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخادم، ومعهِ حمّاد بنِ سالم أبو عصمة، في جماعة من الجند، فأطأفوا يجعفر بن يحيى ليلًا، فدخل عليه مسرور الخادم، وعنده بختيشوع المتطبب، وأبو ركازٍ الأعمى المغني يُغنيه:

فلا تَبْعُدْ فكلُّ فتىً سيأتي … عليه الموتُ يطرُق أو يُغادِي

وكلُّ ذَخِيرةٍ لا بُدَّ يومًا … وإن بقيتْ تَصِيرُ إلى نَفَاذِ (١)

فو فُودِيتَ من حَدَثِ المِنَايا … فَدَيْتُك بالطَّريفِ وبالتِّلادِ

وقيل: كان يُعنيه قول بعضهم:

ما يُريدُ الناسُ مِنَّا … ما ينامُ الناسُ عَنَّا

إنَّما هَمُّهُمُ أنْ .. يُظْهِرُوا ما قد دَفَنَّا

ولكن المشهور هو الأول.

فقال الخادم: يا أبا الفضل، هذا الموت قد طرقك، أجب أمير المؤمنين. فقام إليه، فقبل قدميه، وأدخل عليه أن يدخل إلى أهله، فيوصي إليهم، فقال: أما الدخول فلا سبيل إليه. فأوصى جعفر، وأعتق جماعة من مماليكه، وجاءتْ رسل الرشيد تستحثّ الخادم، فأخرجه إخراجًا عنيفًا يقوده، حتى أتى إلى المنزل الذي كان فيه الرشيد، فحبسه، وقيّده بقيدٍ، وأعلم الرشيد بما فعل، فأمره بضرب عنقه، فجاء إلى جعفر، فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن آتيه برأسك. فقال: يا أبا هاشم، لعلّ أمير المؤمنين سكران، فإذا صحا عاتبك على ذلك، فعاوده. فرجع إليه، فقال: يا أمير المؤمنين! لعلّك مشغول. فقال: ويحك يا ماضَّ بظر أمّه، إيتني برأسه. فكرّر عليه جعفر المعاودة، فقال له: برئت من المهدي، لئن لم تأتني برأسه لأبعثن من يأتيتي برأسك ورأسه. فرجع إلى جعفر، وحزّ رأسه، وجاء به إلى الرشيد، فألقاه بين يديه.


(١) من أول هذا البيت إلى أخر قوله "لكن المشهور هو الأول" لم يرد في البداية والنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>