للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم حوّل وجه فرسه، وانصرف.

وعن محمد بن عبد الرحمن الهاشمي (١) صاحب صلاة "الكوفة"، قال: دخلتُ على أمّي في يوم أضحى، وعندها امرأة برزةٌ (٢): في أثواب دنسة رثة، فقالتْ لي: تعرف هذه؟ قلت: لا، قالتْ: هذه عبادة أمّ جعفر بن يحيى، فسلّمت عليها، ورحّبت بها، وقلت لها: يا فلانة! حدّثيني ببعض أمركم.

قالت: أذكر لكم جملة كافية لمن اعتبر، وموعظة لمن فكر، لقد هجم علي مثل هذا العيد، وعلى رأسي أربعمائة وصيفة، وأنا أزعم أن جعفرًا ابني عاق لي، ولقد أتيتكم في (٣) هذا اليوم والذي يقنعني جلدًا شاتين، أجعل أحدهما شعارًا، والآخر دثارًا.

ولنختم أخبار البرامكة بحكاية عجيبة، وقصّة غريبة، لا يسمع في باب المكارم مثلها، ولا في أخبار الوفاء بأعجب منها.

ذكر أبو الفرج بن الجوزي، في كتابه "المنتظم" (٤)، أن المأمون بلغه أن رجلًا يأتي في كلّ يوم إلى قبور البرامكة، فيبكي عليهم، ويندبهم، فبعث من جاءه به، فدخل عليه، وقد يئس من الحياة، فقال له: ويحك، ما حملك على صنيعك هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين! إنهم أسدوا إلي معروفًا، وخيرًا كثيرًا، ولي خبر يطول. فقال: قل.

قال: أنا المنذر بن المغيرة، من أهل "دمشق"، كنت في نعمة عظيمة، فزالت عني، وأفضى بي الحال إلى أن بعت داري، ولم يبق لي شئ، فأشار بعض أصحابي عليّ بقصد البرامكة، فأتيت إلى "بغداد". ومعي نيّف وعشرون امرأة، فأنزلتهن في مسجد، وقصدتُ مسجد الجامع، فدخلتُ، فإذا فيه


(١) البداية والنهاية ١٠: ١٩٧، وتاريخ بغداد ٧: ١٥٦، ١٥٧.
(٢) البرزة: التي تفوق لذاتها.
(٣) في بعض النسخ بعد هذا زيادة "مثل".
(٤) نقله ابن كثير عن المنتظم في البداية والنهاية ١٠: ١٩٧، ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>