للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال (١): وسمعت حاتمًا يقول له: إن صاحب خبر يجلس إليك ليكتب كلامك لاحترزت منه، وكلامك يعرض على الله فلا تحترز.

وقال له رجل (٢): بلغني أنك تجوز المفاوز من غير زاد.

فقال حاتم: بل أجوزها بالزاد، وإنما زادي فيها أربعة أشياء.

قال: وما هي؟

قال: أرى الدنيا كلّها ملكًا لله، وأرى الخلق كلّهم عباد الله وعياله، وأرى الأسباب والأرزاق كلّها بيد الله، وأرى قضاء الله نافذًا في كلّ أرض. فقال له الرجل: نعم الزاد زادك يا حاتم، أنت تجوز به مفاوز الآخرة، فكيف مفاوز الدنيا!!

وقال، رضي الله عنه (٣): خرجت في سفر ومعي زاد، فنفد زادي في وسط البرية، فكان قلبي في البرية والحضر واحدًا.

وذكر عن حاتم أنه قال (٤): لقينا الترك مرة، وكان بيننا جولة (٥)، فرماني تركي بوهق (٦) فأقلبني عن فرسي، ونزل عن دابّته، وقعد على صدري، وأخذ بلحيتي هذه الوافرة، وأخرج من خفّيه سكينًا ليذبحني بها، فوحق سيّدي ما كان قلبي عنده ولا عند سكينه، إنما كان قلبي عند سيّدي، أنظر ماذا ينزل به القضاء منه، فقلت: سيّدي قضيت على أن يذبحني هذا فعلى الرأس والعين، إنما أنا لك وملكك، فبينا أنا أخاطب سيّدي وهو قاعد على صدري، آخذ بلحيتي ليذبحني، إذ رماه بعض


(١) تاريخ بغداد ٨: ٢٤٣.
(٢) تاريخ بغداد ٨: ٢٤٣.
(٣) تاريخ بغداد ٨: ٢٤٤.
(٤) تاريخ بغداد ٨: ٢٤٤، ٢٤٥.
(٥) تكملة من تاريخ بغداد.
(٦) الوهق: الحبل يرمى في أنشوطة، فتؤخذ به الدابة والإنسان. القاموس (وهق).

<<  <  ج: ص:  >  >>