قال في "درة الأسلاك" في حقّه: حسام قاطع، وإمام بارع، وعالم إلى البر مُسارع، وحكم لأشتات المعارف جامع.
كان كبير النفس، ظاهر الحشمة، جليل القدر، جزيل الحرمة، واسع الخطوة، وافر المروءة والحظوة، معظمًا عند أراب الأبواب المأهولة، حسن المشاركه في العلوم المعقولة والمنقولة.
ولي القضاء نيّفًا وعشرين سنة، بـ "مصر" و"الشام"، وأعلى في كلّ منهما منار الأقضية والأحكام.
وفيه يقول الأديب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن التلمساني، من أبيات:
لا أخْتَشِي الحادِثاتِ والحَسَنُ المحْ … سِن لي مِن جنابهِ أرَب
مِن مَعْشَرٍ قد سَمَوْا وقد كَرُموُا … فِعْلًا وطابُوا أصْلًا إذا انْتَسَبُوا
إنْ أظْلَمَ الدَّهْرُ ضَاءَ حُسْنُهُمُ … وإن أمَرَّتْ أيَّامُه عَذُبُوا
من فِضَّةٍ عِرْضُهُمْ ونَشْرُهُمُ … يُعَطِّرُ الكَوْنَ أيَّةً ذَهَبُوا
ولد في المحرم، سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ببلاد "الروم".
واشتغل، ومهر، وولي قضاء ملطية أكثر من عشرين سنة.
ثم ورد "دمشق"، فولي القضاء بها أيضًا نحوًا من عشرين سنة.
ثم نقل إلى قضاء "الديار المصرية". في صفر، سنة ستّ وتسعين وستمائة، بعناية المنصور لَاجِين، لأنه كان يصحبه لما كان نائب "دمشق"، فاختصّ به كثيرًا، فلمّا ولي السلطنة استقدمه، وولّاه القضاء، فلم يزل إلى أن قتل لاجين.