للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واتفق أنه قتل، وهو عنده، فلمّا تسلطن الناصر صرفه عن القضاء، فرجع إلى "دمشق"، ولم يزل بها حتى كانت وقعة التاتار، فعدم فيها، قيل: إنهم أسروه، وباعوه للفرنج، فأخذوه إلى بلادهم، وعرفوا أنه من أهل العلم بالطبّ، فصار يلاطفهم بطبّه.

ويقال: إنه حصل له بعد أن استقرّ عندهم بـ "قبرس" إسهال، ودام به، حتى مات.

وقيل غير ذلك، والله أعلم بحقيقة الحال.

وكانت وقعة التاتار المذكورة، في سنة تسع وتسعين وستمائة.

وكان، رحمه الله تعالى، إمامًا علامة، كثير الفضل والإفضال، كثير التودّد إلى الناس.

أثنى عليه الشهاب بن فضل الله، وغيره.

وذكره الصلاح الصفدي في "أعيان العصر وأعوان النصر"، وقال في حقّه: كان مجموع الفضائل، عريًا من الرذائل، كثير المكارم، عفيفًا عن المحارم، ظاهر الرياسة، حريًا بالسياسة، خليقًا بالنفاسة، يتقرّب إلى الناس بالودّ، ويتجنّب الخصماء اللدّ، فيه مروءة وحشمة، وبينه وبين المفاخر قرابة ولحمة، وله نظم وأدب، ورغبة في إذاعة الخير واجتهاد وطلب.

ولد بـ "أقسراى"، سنة إحدى وثلاثين وستّمائة، وولي قضاء "ملطية" أكثر من عشرين سنة.

ثم نزح إلى "الشام" سنة خمس وسبعين وستمائة، خوفًا من التاتار، وأقام بـ "دمشق"، وولي قضاءها سنة سبع وسبعين وستّمائة؛ بعد القاضي صدر الدين سليمان، وامتدّت أيامه إلى أن تسلطن حسام الدين لاجين، فسار إليه سنة ستّ وتسعين، فأقبل عليه، وولاه القضاء بـ "الديار المصرية"، وولى ابنه جلال الدين مكانه في "دمشق"، وبقى معظمًا، وافر الحرمة إلى أن قتل لاجين، وهو عنده، فلمّا، ضربوا السلطان بالسيف

<<  <  ج: ص:  >  >>