فقلت: أصلحك الله، اختلف فيها رجلان بدريان، فقال لي: ما قالا؟ قلت: قال أحدهما كالذي قال ابن أبي ليلى وابن شبرمة، قال: من هو؟ قلت: عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: وما قال الآخر؟ قلت: قال يفرّق بينهما، وتعتدّ بقية عدّتها من الأول، ثم تعتدّ عدّة مستأنفة من الآخر إن كان دخل بها، ثم يفرّق بينهما، ولها مهرها بما استحلَّ من فرجها، يدفع إليها، ولا يجعل في بيت المال، فإذا انقضت عدّتها، فإن شاء تزوّج بها نكاحا جديدا بمهر جديد. فقال لي: يا نعمان من هذا؟ قلت: عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقال لي: أبو تراب؟ قلت نعم. ثم قلت: وما تقول أنت؟ فنكس رأسه، ونكت بقضيب كان في يده، ورفع رأسه إليّ، وقال لي: يا نعمان! والله إنه لأشبه القولين بالحديث. هذا ما رواه الحسن بن زياد، وزاد عليه الموفّق، وقال: أورد هذا الحديث الإمام أبو القاسم بن علي الرازي نزيل "همذان" عن محمد بن مقاتل، وهو ممن أدرك الحسن بن زياد، وزاد: قال ابن هبيرة بأيّ القولين تأخذ؟
قال قلت: عندي عمر أفضل من علي رضي الله عنه، وآخذ في هذا بقول علي، رضي الله عنه. فقال: أنا أرى ذلك، وإنما قال أبو حنيفة: عمر رضي الله عنه أفضل من عليّ رضي الله عنه، لئلا يقول ابن هبيرة أنا أختار قول عمر رضي الله عنه، وكان عليّ لا يذكر في ذلك الزمان باسمه، وكانت العلامة فيه بين المشايخ بأن يقولوا: قال الشيخ كذا، وكان الحسن البصري يقول فيه أخبرنا أبو زينب، لأن من كان يذكره باسمه يعاقبه بنو مروان، فلهذا اختاروا الكناية عنه. فتبين من هذا أن الوالي الأموي المكنى عنه في صدر الحكاية هو ابن هبيرة.
وفي "المناقب"(١ - ١٧٣) أيضًا قال الحسن بن زياد: سمعتُ أبا حنيفة، وسئل من أفقه من رأيتُ؟ قال: ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمد الصادق، لما أقدمه المنصور بعث إليّ، فقال: يا أبا حنيفة! إن الناس قد فتنوا