بجعفر بن محمد، فهيئ له من المسائل الشداد، فهيأتُ له أربعين مسألة، ثم بعث إليّ أبو جعفر، وهو بـ "الحيرة"، فأتيته، فدخلتْ عليه، وجعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلمّا بصرت به، دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلّمت عليه، وأومأ إليّ، فجلست، ثم التفت إليه، فقال: يا أبا عبد الله! هذا أبو حنيفة، فقال: نعم، ثم أتبعها، قد أتانا كأنه كره ما يقول فيه قوم إنه إذا رأى الرجل عرفه، قال: ثم التفت إليّ، فقال: يا أبا حنيفة! ألقي على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه، فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل "المدينة" يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعا، حتى أتيت على الأربعين مسألة، ما أخلّ منها بمسألة، ثم قال أبو حنيفة رحمه الله: ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
وفي (١ - ١٨٥) بطريق نمر بن جدار عن الحسن بن زياد، قال: دفن رجل مالا في موضع، ثم نسي أيّ موضع دفنه فيه، طلبه فلم يقع عليه، فجاء إلى أبي حنيفة، فشكا إليه، فقال له أبو حنيفة: ليس هذا فقها، فأحتال لك، لكن اذهبْ فصلّ الليلة إلى الغد، فإنك ستذكر أيّ موضع دفنته فيه، ففعل الرجل، فلم يقم إلا أقلّ من ربع الليل، حتى ذكر أيّ موضع دفنه فيه، فجاء إلى أبي حنيفة، فأخبره، فقال: قد علمت أن الشيطان لا يدعُك تصلّي ليلتك حتى يذكرك، ويحك فهلا أتممتَ ليلتك شكر الله تعالى؟
وفي (١ - ٢١٤) بطريق إبراهيم بن إسماعيل الطلحي، عن الحسن زياد، ما قبل أبو حنيفة لأحد جائزة ولا هدية، أي من الأمراء، أو من غير أن يهدي إليه ما هو أثمن من هديته، أو فيما علم الحسن بن زياد جمعا بين الروايات.
وفي (٢ - ٣) عن الحسن بن زياد حلفت أمّ أبي حنيفة بيمين، فحنثت، فاستفتت أبا حنيفة، فلم ترض، وقالت: لا أرضى إلا بما يقول