زياد القضاء لم يوفّق فيه، وكان حافظا لقول أصحابه، فبعث إليه البكائي: ويحك إنك لم توفّق في القضاء، وأرجو أن يكون هذا لخيرة، أرادها الله بك، فاستعف، فاستعفى، واستراح.
وقال الخطيب: أخبرني الأزهري عن أحمد بن إبراهيم بن الحسن عن إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: توفي الحفص بن غياث في سنة ١٩٤ هـ، فجعل مكانه (يعني على القضاء) الحسن بن زياد اللؤلؤي، وقال أيضًا: أخبرنا أبو بكر البرقاني، حدّثني محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الأدمي، حدّثنا محمد بن علي الأيادي، حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي، قال: يقال: إن اللؤلؤي كان على القضاء، وكان حافظا لقولهم:(يعني أصحاب الرأي) وكان إذا جلس ليحكم ذهب عنه التوفيق، حتى يسأل أصحابه عن الحكم في ذلك، فإذا قام عن مجلس القضاء، عاد إلى ما كان عليه من الحفظ، ولا يكون هذا إلا من تهيّبه القضاء، وخوفه من الله في الحكم، وبين من ولوا القضاء على خلاف رغبتهم أناس يتحاشون الحكم لذلك، بأن يصلحوا بين المتخاصمين بتحمّل القاضي الغرامة، وهذا نوع من الورع، لا يمكن أن يتخذ أساسا للقضاء، فسبيل مثله أن يستعفي ويستريح، كما فعل الحسن بن زياد.
وحكى العقيلي عن إدريس بن عبد الكريم، عن إسحاق بن إسماعيل قال: كنا عند وكيع، فقيل له: إن السنة مجدبة، قال: كيف لا تجدب وحسن اللؤلؤي قاض، وحمَّاد بن أبي حنيفة والعقيلي لا يهدأ له بال إلا بالنيل من أبي حنيفة أصحابه، حتى لا يذكر لأحد منهم منقبة واحدة، مع كونهم قادة الأمة في الفقه رغم أنف العقيلي، وأذياله من الحشوية، ولذا ردّ عليه صاحبه ابن الدخيل ردًّا مشبعا، كما ذكرت ذلك في مواضع في "التأنيب"، وغيره من كتبي، ولم يدبر العقيلي هذا الفرية، حيث إن شطر هذا الخبر يدلّ على كذب الشطر الآخر، لأن حمّاد بن أبي حنيفة توفي سنة