للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(الحديث التاسع والأربعون): وبه قال: حدّثنا أبو حنيفة، عن يحيى بن الحارث التميمي، عن أبي ماجد الحنفي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رجلًا أتاه بابن أخ له نشوان، قد ذهب عقله، فأمر به عبد الله، فحبس حتى إذا صحا دعا بسوط، فقطع ثمرته، ثم دقّ طرفه، ثم دعا جلّادا، فقال: اجلده، وأوجع في جلدك ولا تبد ضبعيك، وأقبل عبد الله يعدّ، حتى إذا كمل ثمانين جلدة خلّى سبيله، فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن! أما والله إنه لابن أخي، وما لي من ولد غيره، فقال عبد الله: بئس العمّ والي اليتيم، كنت ما أحسنت أدبه صغيرا، ولا سترت عليه كبيرًا، ثم أنشأ عبد الله يحدّثنا، فقال: إن أول حدّ أقيم في الإسلام لسارق أتي به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا قامت عليه البينة، قال انطلقوا به، فاقطعوه، فلمّا انطلق به ليقطع، نظر إلى وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كأنما أسفى (١) فيه الرماد، فقال له بعض جلسائه: يا رسول الله! لكأنّ هذا اشتدّ عليك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وما لي لا يشتدّ على أن تكونوا أعوان الشيطان على أخيكم المسلم، قالوا: فلو خلّيت سبيله، يا رسول الله! قال: أفلا كان هذا قبل أن تأتوني به، فإن الإمام إذا انتهى إليه حدّ، فليس ينبغي له أن يعطّله حتى يقيمه، ثم تلا هذه الآية: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

(الحديث الخمسون): وبه قال: حدّثنا أبو حنيفة، عن علقمة بن مرثد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتى ماعز بن مالك، فقال له: إن الأخر (٢) قد زنى، فأقم عليه


(١) سفي أسفى الريح الرماد، بمعنى ذره، وهنا على صيغة المجهول، وبالياء في الأصل، وعند ابن الأثير بالتضعيف. (ز)
(٢) بقصر الهمزة، المتأخر عن السعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>