رواه ابن أبي العوّام سئل الحسن بن زياد عن زفر أكان زفر نظر في الكلام؟ فقال: سبحان الله! ما أسخفك تقول لأصحابنا: إنهم نظروا في الكلام، وهم بيوت العلم والفقه، إنما يقال: نظر في الكلام فيمن لا عقل له.
وهؤلاء كانوا أعلم بحدود الله عزّ وجلّ، وبالله، من أن يتكلّموا في الكلام، الذي تعني. وكان يهمّهم غير الفقه والاقتداء بمن تقدّمهم.
وذكر الحسن بن زياد أيضًا عن زفر أنه سأله رجل، فقال له: القرآن كلام الله، فقال له الرجل: أمخلوق هو؟ فقال له زفر: لو شغلك فكر في مسألة أنا فيها أرجو أن ينفعني الله بعلمها لشغلك ذلك عن هذا الذي تفكّرت فيه، والذي فكرت فيه بلا شكّ يضرّك، سلم لله عزّ وجلّ ما رضى به منك، ولا تكلّف نفسك ما لا تكلّف، وكان أبو يوسف أيضًا يقول: القرآن كلام الله، ولا يزيد على ذلك شيئًا، وكان أناس يعدّون ذلك بدعة فظيعة، بل كفرًا، بل إن هذا وقوف عندما وقف الكتاب والسنّة، لا اشتباه في قدم ما قام بالله، ولا في حدوث ما قام بالخلق، والمؤسف في المسألة إسراع من لا تحقيق عنده في موضع الخلاف إلى الإكفار والتبديع، قبل أن يعلم مراد القائل.
ومثل ذلك التشنيع يرتدّ إلى قائله من غير شكّ، وفتنة القول بخلق القرآن أنتجت تناحرا بين الأمة مدى الدهور، فيما لا يعرف أغلبهم وجوه الخلاف فيه، فكانت مصيبة تراكبت ظلماتها على توالي العصور، وامتلأت كتب الجرح المؤلّفة من نقلة ذلك العصر بجروح، لا طائل تحتها، ولذلك قلت:(أي قال الشيخ زاهد) فيما علّقت على "شروط الأئمة" للحازمي، ومن أشرف على سير المسألة بعد محنة الإمام أحمد يرى مبلغ ما اعترض الرواة من التشدّد في مسائل يكون الخلاف فيها لفظيا، وعلى تقدير عدّه حقيقيا، يكون المغمز في جانبهم حتما في نظر البرهان الصحيح، فليتهم لم يتداخلوا فيما لا يعنيهم اشتغلوا بما يحسنونه من الرِّواية، ولو فعلوا ذلك لما امتلأت