فتلك أمور تكفي في تحطيم هذا البهت على رأس الباهت الأثيم، ولو لم ننظر إلى السند، فكيف، والسند كما سبق.
والحاصل أن من نظر إلى هذه الأسطورة من أيّ ناحية من نواحي النظر تبين له أنها مختلقة قطعا، وعلم مبلغ سقوط هؤلاء في النيل من أئمتنا الأبرياء، وأما ادّعاء لعبه بذكر رضيع حكاية عن مجهول فجهل فظيع، فكأن هذا المتحامل لم يبلغْه حديث تقبيل الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم لزبيبة الحسن أو الحسين عند البيهقي، وغيره على أن وجود مجهول في السند يجعل الخبر مردودا في أول خطوة.
وأما ما حكاه ابن حجر في "اللسان" عن محمد بن حميد الرازي: ما رأيت أسوأ صلاة منه، فهو رواية ابن عدي أيضا عن أحمد بن حفص السعدي عن محمد بن حميد الرازي، فأحمد بن حفص ممرور، مخلط، صاحب مناكير، وقد قال ابن عدي نفسه عنه: حدّث بأحاديث منكرة، لم يتابع عليها، فلا يصدّق مثله في إمام من أئمة المسلمين العباد المتجهدين، ومحمد بن حميد كذبه غير واحد، ولم يثن عليه إلا من لم يخبره، وهذا أيضا من الدليل على مبلغ مجازفة الخصوم في محاولة، وصم أئمتنا، على أن بعض الفقهاء يرى الاشتغال بالفقه والتفقيه أفضل من إطالة الركعات، حتى حكى العجلي أن ابن مهدي كان يسيء الصلاة، فنصحه من هو دونه، ولا يكون هذا من مثله بإخلال في أركان الصلاة، بل بعدم الإطالة بقدر ما يرضاه المتعبّدون، والله أعلم.
وتجد أغلب من ألّف في الرجال، كأسراب طير، يتابع بعضهم بعضا، من غير تمحيص الرواية، فلا داعي إلى إيراد كلّ ما ذكر في كتبهم، وأكتفي بختم البحث بما ذكره الذهبي في "تاريخه الكبير" في ترجمة الإمام الحسن بن زياد بحروفه مع تحيّزه إلى الحشوية، وانحرافه عن أصحاب أبي حنيفة، ولم أرد تقطيع كلامه، وإن كان فيه بعض تكرار لما سبق، وها هي ترجمته عنده