فبعث إليه البكائي: إنك لم توفّق للقضاء، وأرجو أن يكون هذا لخيرة أرادها الله بك، فاستعفي، فاستعفى، واستراح.
وقال محمد بن سماعة: سمعت الحسن بن زياد يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث، كلّها مما يحتاج إليها الفقهاء، وقال أحمد بن عبد الحميد الحارثي: ما رأيت أحسن خلقا من الحسن بن زياد، ولا أقرب مأخذا، ولا أسهل جانبا، وكان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه، ضعّفه ابن المديني، ولكن له كتب في المذهب، وقال محمد بن رافع كان الحسن اللؤلؤي يرفع رأسه قبل الإمام، ويسجد قبله، قلت:(أي الذهبي): قد ساق في ترجمة هذا أبو بكر الخطيب أشياء لا ينبغي لي ذكرها، وتوفي سنة أربع ومائتين، فقد روي القراءة عن عيسى بن عمر، وزكريا بن سياه، وروى عنه الحروف الوليد بن حمّاد اللؤلؤي. انتهى ما ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم (٤٣) في المجلّد الحادي عشر منه.
ولم يتحاش الخطيب ولا ابن حجر من ذكر أمور ظاهرة الاختلاق في هذا الإمام العظيم، في حين أن الذهبي اجتنب ذلك، وفي ذلك عبر، وقد سبق ذكر جميعها مع تفنيد المفنّد منها، وقد ساق ابن حجر في "اللسان" جميع ما قيل فيه عن كلّ من هبّ ودبّ بهشاشة وبشاشة من غير تمحيص ولا تورّع، ثم قال: (قلت مع ذلك كلّه أخرج له أبو عوانة في "مستخرجه" والحاكم في "مستدركه"، وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة، رحمه الله تعالى، بل ذكره ابن حبّان في "الثقات" كما في "كشف الأستار عن رجال معاني الآثار"، فإخراج أبي عوانة لحديثه في "مستخرجه" على "صحيح مسلم" في حكم التوثيق، كما أن إخراج الحاكم في "مستدركه" على الصحيحين لحديثه أيضا توثيق له من الحكم، وقول مسلمة بن قاسم القرطبي توثيق