أَصْبَحتُ لا أرْتَجِي خِلًّا أُفاوِضُهُ … مِنْ بَعْدِ فُرْقَتِهِمْ جِدًا ولا لَعِبَا
فإن سُرِرْتُ فإني مُضمرٌ حَزنا … أو ابتَسَمْتُ وَجَدْتُ القلبَ مُكتَئِبًا
وقوله:
قالوا تَرَكْتَ الشِّعْرَ قلتُ لهمْ … فيه اثنتانِ يَعافُها حَسَبي
أمُّا المديح فَجُلُّهُ كَذِبٌ … والهَجْوِ شيءٌ ليسَ يَحْسُنُ بِي
وقوله:
من لِي بأحورَ قُربِي في مَحَبَّتِهِ … كالبُعْدِ لكن رَجائي منه كاليَأسِ
مُسْتَعْذَبٌ جَوْرُهُ فالقلبُ في يَدِهِ … مُعَذَّبٌ ويَدِي منه على راسِي
ودَّعْتُهُ مِن بَعيدٍ ليسَ مِن مَلَلٍ … لكنْ خَشِيْتُ عليه حَرَّ أَنْفاسي
وقوله:
ما ضَرَّهُمْ يومَ جَدَّ الْبَيْنُ لو وَقَفُوا … وزَوَّدُوا كَلِفًا أَوْدى به الكلفُ
تَخَلَّفُوا عَنْ وداعي ثُمَّتَ ارْتَحَلُوا … وأَخْلَفُوني وُعُودًا ما لَها خَلَفُ
ومنها:
أَسْتَوْدِعُ اللهَ أَحْبابًا أَلِفْتُهُمُ … لكنْ على تَلَفِي يومَ النَّوى ائتلفوا
تَقسَّمُوني فَقِسْمٌ لا يُفارِقُهُم … أينَ اسْتَقلُّوا وقِسْمٌ شَفَّهُ الدَّنَفُ
عُمْري لَئنْ نَزَحَتْ بالبَيْنِ دَارُهُمْ … عَني فما نَزَحوا دَمْعِي ولا نَزَفُوا
يا حَبَّذا نَظْرَةٌ منهم على وَجَلٍ … تكاد تُنْكِرُني طَوْرًا وتَعْتَرِفُ
قلت: في هذا القدر كفايةٌ من شعر صاحب الترجمة، ولو أخذنا في إيراد جميع ما قاله من الأشعار الرائقة، والقصائد الفائقة، والمقطعات الشائقة، لطال الكلام، وخرجنا عن المقصود، وبالجملة فقد كان صاحب الترجمة من أدباء عصره، ومحاسن دهره.
تغمّده الله تعالى برحمته.
* * *