للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه بمعالجته، فطرح من بزر الكرفس خمسة دراهم، لست أدري أعمد فعله أم خطأ، لأني لم أكن معه، فازداد السحج به من حدّة البزر، وكان يتناول المنزود يطوس؛ لأجل الصرع، فقام بعض غلمانه، وطرح فيه شيءً كثيرًا من الأفيون، فناوله فأكله، وكان سبب ذلك خيانتهم في مال كثير من خزانته، فتمنّوا هلاكه ليأمنوا، فنقل الشيخ إلى "أصبهان"، وبقي يدبّر نفسه، واشتدّ ضعفه، ثم عالج نفسه، حتى قدر على المشي، لكنّه مع ذلك يكثر المجامعة، فكان ينتكس.

ثم قصد علاء الدولة "همذان"، فسار الشيخ معه، فعاودته تلك العلة في الطريق، إلى أن وصل "همذان"، وعلم أنه قد سقطت قوته، وإنها لا تفي بدفع المرض، فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: المدبّر الذي كان يدبّر قد عجز عن التدبير، والآن فلا تنفع المعالجة. وبقى على هذا أيامًا، ومات عن ثلاث وخمسين سنة. انتهى قول أبي عبيد.

وقبره تحت سور "همذان". وقيل: إنه نقل إلى "أصبهان" بعد ذلك.

وقال ابن خلكان في ترجمة ابن سينا: ثم اغتسل، وتاب، وتصدّق بما معه على الفقراء، وردّ المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم كلّ ثلاثة أيام ختمة، ثم مات بـ "همذان"، يوم الجمعة، في رمضان (١)، وولد في صفر، سنة سبعين وثلاثمائة.

قال: وكان الشيخ كمال الدين ابن يونس يقول: إن مخدومه سخط عليه (٢)، ومات في سجنه، وكان ينشد (٣)،

رأيتُ ابنَ سِينَا يُعادِي الرِّجالَ … وفي السِّجْنِ مات أخّسَّ الْمَماتِ


(١) أي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
(٢) زاد في الوفيات: "واعتقله".
(٣) وفيات الأعيان ٢: ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>