للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى أن قال: أما المشروب فيهجر شربه تلهيًا، بل تشفيًا وتداويًا، ويعاشر كلّ فرقة بعادته ورسمه، ويسمح بالمقدور والتقدير من المال، ويركب لمساعدة الناس كثيرًا مما هو خِلاف طبعه، ثم لا يقصر في الأوضاع الشرعية، ويعظم السنن الإلهية، والمواظبة على التعبّدات البدنية.

إلى أن قال: عاهد اللَّه أنه يسير بهذه السيرة، ويدين بهذه الديانة، {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا}.

ومن شعره القصيدة الطنانة، التي قالها في النفسق، وولع الناس بشرحها، وحل رموزها، كشف غوامضها، وهى هذه:

هَبَطتْ إليكَ مِن المِحَلِّ الأرْفَعِ … وَرْقَاءُ ذاتُ تَعَزُّزٍ وتَمَنُّعِ

مَحْجُوبةٌ عن كلِّ مُقْلَةِ عارِفٍ … وهِي التي سَفَرتْ ولم تَتَبَرْقَعِ

وَصَلتْ علَى كُرْهٍ إليك ورُبَّمَا … كَرِهَتْ فِراقَكَ وهْيَ ذاتُ تَفَجُّع

ألِفَتْ وما ألِفَتْ فلمَّا وَاصَلَتْ … ألِفَتْ مُجاوَرَةَ الخَرَابِ الْبَلْقَعِ (١)

وأظُنُّها نَسِيَتْ عُهودًا بالْحِمَى … ومَنازِلًا بِفِرَاقِها لم تَقْنَعِ

حتَّى إذا اتَّصَلَتْ بهاء هُبُوطِها … مِن مِيمِ مَرْكزِها بذَاتِ الأجْرَعِ

عَلِقَتْ بها هَاءُ الثَّقِيلِ فأصْبَحَتْ … بينَ المعالِمِ والطُّلُولِ الخُضَّع

تَبْكِى إذا ذكرتْ دِيارًا بالحمَى … بمَدامِعٍ تَهْمِ ولَمَّا تُقْلِعِ (٢)

وتَظَلُّ سَاجِعَةً علَى الدَّمَنِ التي … دَرَسَتْ بِتَكْرَارِ الرِّياحِ الأرْبَعِ

إذْ عاقَها الشَّرَكُ الكَثِيفُ وصَدَّهَا … قَفَصٌ عن الأوْجِ الفَسِيحِ الأرْيَعِ

حتى إذا قَرُبَ الْمَسِيرُ مِن الْحِمَى … ودَنَا الرَّحِيلُ إلى الفَضَاءَ الأوْسَعِ (٣)


(١) في عيون الأنباء: "أنفت وما أنست".
(٢) في عيون الأنباء: "ولما تقطع"، وفي وفيات الأعيان ٢: ١٦٠ "تبكي وقد نسيت عهودا بالحمى".
(٣) في عيون الأنباء: "سجعت وقد كشف الغطاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>