للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا بأس بإيراد بقية غزل القصيدة ومدحها، فإن شعر الغزي مما يكتب، بل مما يحفظ.

قال رحمه اللَّه تعالى، بعد قوله: "مَحا اللَّهُ نُوناتِ الحواجب" إلخ (١):

وأطْفا نِيرانَ الخُدُودِ فقَلَّ مَنْ … رأى قَبْلَها نارًا يُقَبِّلُها فَمُ

سَقاك الْكَرَى مِن مَوْرِدٍ عَزَّ ماؤُهُ … عليه قلوبُ الهيمِ كالطَّيرِ حُوَّمُ

أصَادَك غِزْلانَ الحِجَازِ وطالما … تَمَنَّى تَقِيٌّ صَيْدَها وهو مُحْرِمُ

طَرَقْنَ ووَجْهُ الأرْضِ في بُرْقُّع الدُّجَا … وعُدْنَ وكُمُّ اللَّيْلِ بالفَخْرِ مُعْلَمُ

وفي الحَيِّ غَيْرَانٌ على الفَجْرِ لَيْلهُ … مِن الفِكْرِ في شَنِّ الإغارةِ قَشْعَمُ (٢)

غَشَمْشَمُ هَوْلٍ حِلْسُ حَرْبٍ كأنهُ … مِن الموتِ في الهَيْجَاء بالموْتِ يُسْلِمُ (٣)

يُكَفْكِفُ عن جَنْبَيْهِ أطرافه القنَا … ويَحكي له الفح الخَميسُ العَرمْرَمُ

ويَعْرَى كما يَعْرَى الحُسامُ فَيكتَسي … سرابيلَ منه العِزُّ والنَّقْعُ والدَّمُ

هو الفَخْرُ مَنْ نَهَدَ لَهُ فليَكُنْ كذا … له مَغْرَمٌ في كُلِّ أوْت وَمغْنَمُ

وإلا فما غيرُ القناعةِ ثَرْوَةٌ … ولا مِثْلُه طَودٌ مِن الضَّيْمِ يَعْصِمُ

كَفَى بِمُلُوكِ الأرضِ سُقْمًا حِذارُهُمْ … وإن مَلَكُوا أن يَسْلُبَ الملِكَ عَنْهُمُ

وهَبْ جَعَلوا ما في المعادن جملة … رهائن أكياس تشد وتختم

فلم يبق دينار سوى الشمس لم تُنَلْ … ولم يَبْقَ غيرَ البَدْرِ في النَّاسِ دِرْهَمُ

أليس أخو الطِّمْرَيْنَ في العَيْشِ فَوْقَهُمْ … إذا نابَ لا يَخْشَى ولا يَتَوَهَّمُ


= هذا ولم يذكر المصنف وفاة المترجم. وقد جاء في الجواهر المضية أنه توفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، في دار الخلافة، في صفر، ودفن عند أبي حنيفة، رضي اللَّه عنه.
(١) أورد صاحب العقد الثمين ٤: ٢٠٧ البيت الأول.
(٢) القشعم: الأسد والمسنّ من الرجال والنسور.
(٣) الغشمشم: من يركب رأسه فلا شثنيه عن مراده شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>