إلى "المدينة المنوّرة"، إلى أن سافر شيخه محمود حسن سنة ثلاث وثلاثين للحجّ والزيارة، ودخل "المدينة" سنة أربع وثلاثين، فلازمه الشيخ حسين أحمد، وقدم "مكّة المباركة" معه، وكان ذلك في أثناء الحرب العالمية، وخروج الشريف حسين، وبغيه على الدولة المتبوعة العثمانية، ومعه المولوي حسين أحمد، والمولوي عُزَير غُل، والحكيم نصرة حسين الكوروي، وغيرهم من أصحابه، وأسرهم ولاة الأمر في "الحجاز"، وأسلموهم إلى الحكومة الإنكليزية، فنقلتهم إلى "مصر"، ثم إلى "مالطه"، حيث وصلوا سلخ ربيع الآخر سنة خمس وثلاثين، ولبثوا فيها ثلاث سنين وشهرين، ومات الحكيم نصرة حسين بـ "مالطه"، وجدّ الشيخ حسين أحمد في خدمة أستاذه، وفي العبادة والمطالعة، وحفظ القرآن الكريم، وصدر الأمر لإطلاق سراحهم لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف، وعادوا إلى "الهند" مكرمين، ومرض الشيخ محمود حسن مرضه الأخير، فكان بجانبه يخدمه، ويسهر عليه، وأمره الشيخ بالتوجّه إلى "كلكته"، ليشتغل أستاذا في المدرسة، التي أسّسها مولانا أبو الكلام. وقد سأله أن يرسل أحد خاصّته، فآثر الشيخ حسين أحمد رضا شيخه على هوى نفسه، فلم يسافر بعيدا، إلا وفوجئ بنبأ وفاته، فعاد إلى "ديوبند"، وقد دفن الشيخ، وتوجّه إلى "كلكته"، واشتغل مدّة في هذه المدرسة، ثم انتقل إلى "سلهت"(عاصمة ولاية آسام)، ومكث ستّ سنين، يدرس الحديث الشريف، ويربي النفوس، وينفخ في الناس روح الأنفة والإباء وحبّ الحرية، وانتفع به خلائق لا تحصى.
وجميت حركة التحرير والثورة السياسية في "الهند"، فخاض فيها، وأفتى بحرمة العمل في الجيش الإنجليزي، وسجن في منتصف المحرّم سنة أربعين وثلاثمائة وألف، وحوكم في "كراتشي" محاكمة مشهورة، وحكم