كانت له أوقات مشغولة منظّمة، كان إذا صلى الصبع أفطر مع الضيوف، الذين يكثر عددهم، ثم توجّه إلى دار الحديث، وقرأ درسين: درسا في "صحيح البخاري"، ودرسا في "جامع الترمذي"، وكان يقرأ هو بنفسه في غالب الأيام بلحن عربي، وصوت واضح قوي، ويفيض في الشرح والإلقاء، ثم ينصرف، ويتغدّى مع ضيوفه، ويقيل، وبعد أن يصلّي الظهر يجلس للوافدين، ويشرب معهم الشاي، ويكتب الرسائل والردود، ويقضي حاجة الزائرين والسائلين، وإذا صلى العصر جلس للضيوف والزائرين، يحدّثهم ويؤنسهم، وإذا كان في آخر السنة قرأ درسا كذلك إلى صلاة المغرب، فإذا صلى المغرب قام للنوافل، وأطال القراءة والقيام، ويتفرّغ للمسترشدين وأصحاب السلوك، فإذا صلى العشاء.
قرأ درسا في "صحيح البخاري" إلى أن يمضي من الليل ثلثه أو نصفه، ثم دخل البيت، وأخذ حظّه من الراحة، ثم قام يتطوّع، ويطيل القيام، ويشتغل بالذكر والمراقبة، ويكثر الدعاء والابتهال، وقد ينشد الأبيات الرقيقة المرققة في المناجاة والعبودية إلى أن يصبح، فيصلي، وإذا صلى إماما في سفر، وحضر التزم السنن، قرأ من السور ما صحّ في الحديث، وثبت عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، لا يخلّ بذلك، وكان في آخر عمره غلبت عليه الحمية الدينية والغيرة للشرع والسنة النبوية، فكان لا يتحمل تفريطا فيها، وقد تعتريه الحدة في ذلك، ويعلو صوته، ويشدّد الإنكار على من خالف السنة، أو استخفّ بشعائر الإسلام، وكان شديد الحبّ لأساتذته ومشايخه، شديد الغيرة فيهم، وكانت له ملاحظات في بعض آراء شيخ الإسلام ابن تيمية، وما تفرّد به في بعض المسائل والآراء.
كان مربوع القامة، كبير الهامة، عريض الجبهة، واسع العينين، أسمر اللون جسيما، مفتول الذراعين، قويّ البنية، وقورا، مهيبا في غير عبوس، أو