للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى تفرغ مما تريد، واللَّه لأخبرن أمير المؤمنين بما فعلت. فقال حفص: قل له ما أحببت.

فجاء الخادم، فأخبر هارون، فضحك، وقال للحاجب: مر لحفص بن غياث بثلاثين ألف درهم. فركب يحيى بن خالد، فاستقبل حفصًا منصرفًا من مجلس القضاء. فقال: أيّها القاضي، قد سررت أمير المومنين اليوم، وأمر لك بثلاثين ألف درهم، فما كان السبب في هذا؟ قال: تمم اللَّه سرور أمير المؤمنين، وأحسنَ حفظَه وكَلَاءتَه، ما زدت على ما أفعل كلّ يوم، وما أعلم إلا أن يكون سجّلت على مرزبان المجوسيّ بما أُوجب عليه.

فقال يحيى بن خالد: فمن هذا سرّ أمير المؤمنين.

فقال حفص: الحمد للَّه كثيرًا.

فقالت أمّ جعفر لهارون: لا أنا ولا أنت إلا أن تعزل حفصًا. فأبى عليها، ثم أَلَحَّتْ عليه، فعزله عن "الشرقية"، وولّاه القضاء على "الكوفة"، فمكث عليها ثلاث عشرة سنة.

وكان حفص يقول (١): واللَّه ما وليت القضاء حتى حلت لي الميتة.

ومات يوم مات ولم يخلف درهمًا، وخلف عليه تسعمائة درهم (٢) دينًا.

قال بشر بن الوليد (٣): ولي حفص القضاء من غير مشُورة أبي يوسف، فاشتدّ عليه ذلك، فقال لي وللحسن بن زياد: تتبعا قضاياه. فتتّبعناها، فلمّا نظر فيها قال: هذا من قضاء ابن أبي ليلى، ثم قال: تتبعا الشروط والسجلّات، فلمَّا نظر فيها قال: حفص ونظراؤه يعانون بقيام الليل.


(١) تاريخ بغداد ٨: ١٩٣.
(٢) تكملة من: تاريخ بغداد، والجواهر المضية.
(٣) الجواهر المضية ٢: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>