قالوا: إذا كبرت وضعفت حدثت، واجتمع عليك الأحداث والصبيان، ثم لا تأمن أن تغلط، فيرموك بالكذب، فيصير عارًا عليك في عَقبِك.
فقلتُ: لا حاجة لي في هذا.
قلتُ: فإذا حفظتُ العربية، وتعلمتُ النحو ما يكون آخر أمري؟
قالوا: تقعد مُعلّمًا، فأكثر رزقك ديناران إلى ثلاثة.
قلتُ: وهذا لا عاقبة له.
قلتُ: فإن نظرتُ في الشعر، فلم يكن أشعر مني، ما يكون آخر أمري؟
قالوا: تمدح هذا، فيهب لك، أو يحملك على دابة، أو يخلع عليك خلعة، وإن حرمك هجوته، فصرت تقذف المحصنات.
فقلتُ: لا حاجة لي في هذا.
قلتُ: فإن نظرتُ في الكلام، ما يكون آخره؟
قالوا: لا يسلم من نظر في الكلام من مُشنعات الكلام، فيرمى بالزندقة، فإما أن يؤخذ، فيقتل، وإما أن يسلم، فيكون مذمومًا ملومًا.
قلتُ: فإن تعلمت الفقه؟
قالوا: تُسأل، وتُفتي الناس، وتُطلب للقضاء، وإن كنت شابًا.
قلت: ليس في العلوم شئ أنفع من هذا، فلزمتُ الفقه، وتعلمته.
وعن زفر بن الهُذيل (١)، قال: سمعتُ أبا حنيفة، يقول: كنتُ أنظر في الكلام، حتى بلغتُ فيه مبلغًا يُشار إليَّ فيه بالأصابع، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حمَّاد بن أبي سُليمان، فجاءتْني امرأة يومًا، فقالتْ: رجل له امرأة أمة، أراد أن يُطلقها للسنَّة، كيف يُطلقها؟