للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان قبل سفر "الحجاز" في المرّة الثالثة يقرئ في علوم عديدة من الفقه والأصول والكلام والحديث والتفسير، وبعد العود من الحجاز في المرّة الآخرة أفرغ أوقاته لدرس الصحاح الستة، والتزم أن يدرّسها في سنة واحدة، وكان يقرئ "جامع الترمذي" أولا، ويبذل جهدَه فيه في تحقيق المتن والإسناد، ودفع التعارض، وترجيح أحد الجانبين، وتشييد المذهب الحنفي، ثم يقرئ الكتب الأخرى "سنن أبي داود"، فـ "صحيحي البخاري ومسلم"، فـ "النسائي"، وفـ "ابن ماجه" سردا مع بحث قليل فيما يتعلّق بالكتاب، ولم تكن له كثرة اشتغال بالتأليف.

وكانت أوقاته موزّعة مضبوطة، يحافظ عليها صيفا وشتاء، فإذا صلى الفجر اشتغل بالذكر والفكر في الخلوة، حتى يتعالى النهار، ثم يتطوّع، ويقبل على الطلبة، وهم كبار العلماء والمحصّلين، يدرّسهم في الفقه والحديث والتفسير، واقتصر في آخر عمره على تدريس الصحاح الستة.

فلما كفّ بصره ترك التدريس، وتوسّع في الإرشاد والتحقيق، وبعد أن ينتهى من التدريس، يشتغل بكتابة الرسائل والردود، يجيب المستفتين، ولما عجز عن الكتابة لنزول الماء في عينيه كل كتابة الرسائل وتحرير الفتاوى إلى تلميذه النجيب الشيخ محمد يحيى بن إسماعيل الكاندهلوي، وكان يحرص على أن ينتهي من كتابة الرسائل والفتاوى في يومها، فإذا انتهى من الكتابة تغدّي، وانصرف يقيل، ويستريح، فإذا صلّى الظهر اشتغل بتلاوة القرآن من المصحف، وبعد ما كفّ بصره كان يتلو حفظا، ثم اشتغل بالدروس إلى العصر، وكان يجلس للعامَّة بين العصر والمغرب، فإذا صلّى المغرب قام يتطوّع، ثم ينصرف إلى البيت، ويكون مع عياله، ويتعشّى، فإذا صلّى العشاء، وكان يؤخّره غالبا - انصرف إلى فراشه ينام، ويستريح، وكان هذا دأبه على مرّ الأيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>