للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففعل كفعله في ليلته، فلما أصبح جلس كذلك، فقلتُ في نفسي: لألزمنَّه إلى أن أموت أو يموت.

قال: فلازمتُه في مسجده.

قال ابن أبي معاذ: فبلغني أن مسعرًا ماتَ في مسجد أبي حنيفة في سجوده، رحمه الله تعالى.

وكان خارجة بن مصعب، يقول: ختم القرآن في الكعبة أربعة من الأئمة: عثمان بن عفَّان، وتميم الداري، وسعيد بن جُبَير، وأبو حنيفة، رضي الله تعالى عنهم.

وكان أبو حنيفة ربما ختم القرآنَ في شهر رمضان ستين ختمة (١).

وحدّث أحمد بن يونس، قال: سمعتُ زائدةَ، يقول: صليتُ مع أبي حنيفة في مسجده عشاءَ الآخرة، وخرج الناس، ولم يعلم أني في المسجد، وأردتُ أن أسألَه عن مسئلة، من حيث لا يراني أحد، قال: فقام، فقرأ، وقد افتتح الصلاة، حتى إذا بلغ إلى هذه الآية (٢): {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}، فأقمتُ في المسجد أنتظر فراغَه، فلم يزلْ يرددُها حتى أذن الموذن لصلاة الفجر.

وروى عن يزيد بن الكميت (٣)، وكان من خيار الناس، أنه كان يقول: كان أبو حنيفة شديدَ الخوف من الله تعالى، فقرأ بنا عليُّ بن الحسين المؤذّن ليلةً في العشاء الآخرة {إِذَا زُلْزِلَتِ}، وأبو حنيفة خلفه، فلما قضى الصلاة، وخرج الناس، نظرتُ إلى أبي حنيفة وهو جالس يُفكر، ويتنفّس، فقلتُ: أقوم، لا يشتغل قلبه.


(١) هذا الخبر في تاريخ بغداد ١٣: ٣٥٧.
(٢) سورة الطور ٢٧.
(٣) تاريخ بغداد ١٣: ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>