للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل أن أبا جعفر المنصور أجازه بثلاثين ألف درهم في دفعات، فقال: يا أمير المؤمنين، إني بـ "بغداد" غريب، وعندي للناس ودائع، وليس لها عندي موضع، فاجعلْها في بيت المال.

فأجابه المنصور إلى ذلك، فدفع إليه الثلاثين ألفًا، ووضعها في بيت المال، فلما مات أبو حنيفة أخرجتْ ودائعُ الناس من بيته.

فقال المنصور: خدعنا أبو حنيفة.

وكان (١) رحمه الله تعالى، قد جعل على نفسه أن لا يحلف بالله في عرض كلامه إلا تصدق بدرهم، فحلف فتصدَّق به، ثم جعل على نفسه إن حلف أن يتصدَّق بدينار، فكان إذا حلف صادقًا في عرض كلامه تصدَّق بدينار. وكان إذا أنفقَ على عياله نفقة تصدَّق بمثلها، وإذا اكتسَى ثوبًا جديدًا أكسَى بقدر ثمنه الشيوخ العلماء.

وكان إذا وضع بين يديه الطعام أخذَ منه، فوضعَه على الخبز، حتى يأخذ منه بقدر ضعف ما كان يأكل، ثم يعطيه لإنسان فقير، فإن كان في الدار من عياله إنسان يحتاج إليه، دفعه إليه، وإلا أعطاه مسكينًا.

وقال وكيع (٢): كان والله، أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان الله في قلبه جليلًا كبيرًا عظيمًا، وكان يوثر رضاء ربه على كل شيء، ولو أخذته السيوف في الله لاحتمل، رحمه الله تعالى، ورضى عنه رضى الأبرار، فلقد كان منهم.

وقال ابن المبارك (٣): ما رأيتُ أحدًا أورعَ من أبي حنيفة، وقد (٤) جرب بالسياط والأموال.


(١) تاريخ بغداد ١٣: ٣٥٨.
(٢) تاريخ بغداد ١٣: ٣٥٨.
(٣) تاريخ بغداد ١٣: ٣٥٩.
(٤) ساقط من بعض النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>