للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مبرزًا فيه تبريزه في النثر، وذلك لأنه لم يشغل نفسه به، ولعلّه على حنفيته اقتدى في هذا المقام بالإمام الشافعي (١) رضى الله عنه في قوله:

ولولا الشعر بالعلماء يزري … لكنت اليوم أشعر من لبيد (٢)

وكان ذا ذاكرة فذّة، ولا سيما في حفظ الأسماء، فكان إذا سمع شيئًا أو رأى أحدًا مرّة واحدة ذكره، ولو بعد سنوات، وهيّأ له ذلك مع كثرة اطّلاعه على المخطوطات النادرة في "الآستانة"، و "مصر"، و "الشام" أن يصبح حجّة لا يبارى في علم الرجال، وجمع إلى براعته في الحديث، ورجاله مهارة فائقة في علم الكلام، وتنزيه الله سبحانه وتعالي، كما كان أستاذ العصر في علمَي الأصول والفقه، وكان على عبقريته المدهشة يسرّه أن يتعقّبه العلماء -والمراد بالعلماء المدلول الصحيح لهذه الكلمة- وقد ظلّ يذكر السيّد أحمد رافع الطهطاوي المتوفّى سنة ١٣٥٥ هـ بخير دائمًا، مع أنه تعقّب بعض تعاليقه في "ذيول تذكرة الحفاظ" بمؤلفه "التنبيه والإيقاظ" (٣)، ولم يغضبه أبدًا تأليف السيد أحمد، لأن شيخنا كان يقصد من تعليقه النفع والإفادة، وتعقّب السيد أحمد كان كذلك.

وكان يردّ على مهاجميه ردًّا يتفاوت بين جملة في ثنايا كتاب وبين مؤلّف خاص، فقد اكتفى في الردّ على مؤلّف "تنبيه الباحث السري" (٤) بقوله في


(١) هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس المتوفّى بمصر في سلخ رجب سنة ٢٠٤ هـ، وعلى قبره قبّة يستجاب فيها الدعاء.
(٢) لبيد شاعر جاهلي مشهور أسلم، وترك الشعر، وهو من أصحاب المعلّقات، توفّي سنة ٤١ هـ.
(٣) اسمه الكامل التنبيه والإيقاظ لما في ذيول تذكرة الحفاظ، مطبعة الترقي بدمشق، سنة ١٣٤٨ هـ في ١٦٦ صفحة غير التصويبات.
(٤) طبع بمطبعة مصطفى الحلبي بمصر سنة ١٣٦٨ هـ في ٢٠٣ صفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>