للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقَعَدَ في القضاء يومين، فلم يأته أحد، فلمَّا كان في الثالث أتاه رجل صفَّار، ومعه آخر، فقال الصفَّار: لي على هذا درهمان وأربعة دوانيق، ثمن تور (١) صفر.

فقال أبو حنيفة: اتق الله، وانظرْ فيما يقول الصفَّار.

قال: ليس على شئ، فقال أبو حنيفة للصفَّار: ما تقول؟

قال: استحلفْه.

فقال أبو حنيفة للرجل: قُل والله الذي لا إله إلا هو، فجعل يقول، فلمَّا رآه أبو حنيفة عازمًا على أن يحلف، قطع عليه، وضرب بيده إلى كمِّه، فحلَّ صرّة، وأخرج درهمين ثقيلين، فقال للصفَّار: هذان عوض من باقي تورك.

فنظر الصفَّار إليهما، وقال: نعم، فأخذ الدرهمين.

فلما كان بعد يومين، اشتكى أبو حنيفة، فمرض ستة أيام، ثم مات، رحمه الله تعالى، ورضى عنه.

قال عبَّاس: وهذا قبره في مقابر "الخيزران" إذا دخلت من باب القطانين يسرة، بعد قبرين أو ثلاثة.

وقيل (٢): إن المنصور أقدمه "بغداد" لأمرٍ آخر غير القضاء.

وقيل (٣): إنه أقام بعد قدومه إلى "بغداد" خمسة عشر يومًا، ثم سقاه المنصور، فمات، رحمه الله تعالى، ورضي الله عنه، وذلك في سنة خمسين ومائة، وله من العمر سبعون سنة.


(١) التور إناء يشرب فيه.
(٢) تاريخ بغداد ١٣: ٣٢٩.
(٣) تاريخ بغداد ١٣: ٣٢٩، ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>