للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرضيتْ، وانصرفت.

وفي رواية أن زرعة قال لها: أفتيك ومعك فقيه "الكوفة"! فقال أبو حنيفة: أفتها بكذا وكذا، فأفتاها، فرضيتْ.

وفي برّه بوالديه وتعظيمه لشيخه حمَّاد يقول بعضهم (١):

نُعمَانُ كان أبرَّ الناسِ كُلِّهمُ … بوَالدَيْه وبالأُسْتاذ حَمَّادِ

مَا مَدَّ رِجْليْهِ يومًا نحْو منزلِه … ودُونَه سِكَكٌ سَبْعٌ كأطْوَادِ

روي أن أبا حنيفة قال: ما مددتُ رجليَّ نحو دار أستاذي حمّاد؛ إجلالًا له، وكان بين داره وداره سبع سِكك.

وعن ابن المبارك، أنه قال: رأيتُ الحسن بن عمَّار آخذًا بركاب أبي حنيفة، وهو يقول: والله ما أدركتُ أحدًا تكلم في الفقه أبلغ، ولا أصبر، ولا أحضر جوابًا منك، وإنك لسيّد من تكلّم في وقتك غير مدافع، ولا يتكلّمون فيك إلا حسدًا.

وكان ابن داود يقول: الناس في أبي حنيفة حاسد، وجاهل، وأحسنهم عندى حالًا الجاهل.

وحدّث سفيان بن وكيع، قال: سمعتُ أبى يقول: دخلتُ على أبى حنيفة، فرأيتُه مُطرقًا مُفكرًا، فقال لي: من أين أقبلت؟ قلت: أقبلتُ من عند شريك.

فرفع رأسه، وأنشأ يقول (٢):

إن يَحسُدُودني فإنِّي غيرُ لائِمِهمْ … قَبْلي مِن الناس أهْلُ الفضْلِ قد حُسِدوا

فدَامَ لي ولهم مَا بِي وما بِهِمُ … ومَات أكثرُنا غَيظًا بما يَجِدُ

قال: وأظنه كان بلغه عنه شيء.


(١) قائل هذين البيتين هو الموفق المكي صاحب المناقب.
(٢) هذان البيتان في المختار من شعر بشار.

<<  <  ج: ص:  >  >>