للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما خرج أبو حنيفة، قال: أردتُ أن تشيط بدمي؟ قال لا، ولكنك أردتَ أن تشيط بدمي، فخلصتك، وخلصت نفسي.

وكان أبو العبَّاس الطوسي (١) سيئ الرأي في أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة يعرف ذلك، فدخل أبو حنيفة على أبي جعفر المنصور يومًا، وكثر الناس عنده، فقال الطوسي: اليوم أقتل أبا حنيفة.

فأقبل عليه، فقال: يا أبا حنيفة، إن أمير المؤمنين يدعو الرجل منا، فيأمره بضرب عنق الرجل، لا يدري ما هو، أيسعه أن يضرب؟ فقال: يا أبا العبَّاس، أمير المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل؟ قال: بالحق.

قال: أنفذ الحق حيث كان، ولا تسئل عنه.

ثم قال أبو حنيفة لمن قرب منه: إن هذا أراد أن يوثقني، فربطته.

وكان أبو حنيفة، رحمه الله، كثير البر بوالدته، والقيام بواجب حقّها، وإدخال السرور عليها، وعدم المخالفة لها.

حدّث حجر بن عبد الجبّار الحضرمي (٢)، رحمه الله تعالى، قال: كان في مسجدنا قاص، يُقال له: زرعة، ينسب مسجدنا إليه، وهو مسجد الحضرميين، فأرادتْ أمُّ أبي حنيفة أن تستفتي في شيء، فأفتاها أبو حنيفة، فلم تقبلْ، وقالتْ: ما أقبل إلا ما يقوله زرعة القاص.

فجاء بها أبو حنيفة إلى زرعة، فقال: هذه أمّي، تستفتيك في كذا وكذا.

فقال: أنت أعلم مني وأفقه، فأفتها أنت.

فقال أبو حنيفة: قد أفتيتُها بكذا وكذا.

فقال زرعة: القول كما قال أبو حنيفة.


(١) تاريخ بغداد ١٣: ٣٦٥، ٣٦٦.
(٢) تاريخ بغداد ١٣: ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>