وقرأ مبادئ اللغة الأردية والفارسية على عمّه الجليل الشيخ محمد إلياس بن الشيخ إسماعيل الكاندهلوي، صاحب دعوة التبليغ المشهورة، الذي كان من رأسه إلى قدمه، إخلاصًا للدعوة الإسلامية، وإصلاح الأمة. وقد أثمرت نهضته المباركة، فشرقت، وغربت، وسارت بها الركبان إلى أقطار الأرض، وملأت بركتها الآفاق.
ثم قرأ بقية العلوم والفنون، وعدّة من كتب الحديث بعضها على والده، وبعضها على مشايخ مدرسة مظاهر العلوم بـ "سهارنفور"، التي كانت معهدًا كبيرًا من أكبر المعاهد العلمية بعد دار العلوم الديوبندية.
فقرأ كتب الصحاح الستة مرّة على والده، ومرة أخرى قرأ "الصحيحين" مع "سنن أبي داود"، و"سنن الترمذي"، مع "الموطا" لمالك، و"الموطأ" لمحمد بن الحسن، و"شرح معاني الآثار" على الإمام المحدّث الكبير الشيخ خليل أحمد الأيوبي الأنصاري، وهو الذي كان يجمع بين علوم الفقهاء والمحدّثين، وعلوم الأولياء والعارفين، وجمع بين مآثرها الظاهرة، ومفاخرها الباطنة، صاحب مكاشفات وكرامات.
وكان حجّة قاطعة لرقاب أهل البدع، وأهل الهوى، وأصبح مدارًا لإتباع السنة، وردّ البدع. فنشأ نشأة صالحة في ظلّ هؤلاء العلماء الربانيين من الفقهاء والمحدّثين، وأرباب القلوب. وترعرع شابًا صالحًا، تقيًا نقيًا، تلمع في جبينه المتهلّل آثار نجابة وسعادة، تنم عن مستقبل ساطع لامع. وقد أدرك الإمام الربّاني الشيخ الكنكوهي، فنال بركات من دعواته وعنايته، وقد توفي الشيخ، وهو ابن ثماني سنوات.
نقل إلى "كنكوه"، وهو قريب العهد بالفطام، فدبّ، ودرج بين الصالحين والعلماء الراسخين. ثم انتقل مع والده سنة ١٣٢٨ هـ إلى "سهارنفور" المركز العلمي الكبير، وأقبل على العلم، واشتغل به بهمة عالية، وقلب متفرغ. وبدأ درس الحديث الشريف على والده، فقرأ عليه الصحاح،