عيّن مدرسًا للحديث الشريف وغيره من العلوم المختلفة بمدرسة مظاهر العلوم، التي تخرّج منها، وكان يدرّس فيها شيخه ووالده من قبل، غرّة محرّم سنة ١٣٣٥ هـ وهو أصغر الأساتذة سنًا، حيث كان عمره عشرين عامًا، وأسند إليه تدريس كتب لا تسند عادة إلى أمثاله في العمر، فسرعان ما فوّض إليه تدريس "مشكاة المصابيح" وعدّة أجزاء من "صحيح البخاري" بأمر شيخه الإمام الشيخ خليل أحمد، ثم تدريس "سنن أبي داود"، ثم النصف الأول من "صحيح البخاري" كلّه، حتى اشتهر بشيخ الحديث، وأصبح شيخ الحديث لقبًا لازمًا لاسمه الكريم، وقلّما يعرفه أحد إلا بهذا اللقب الكريم. وأثبت المدرس الشابّ جدارته وقدرته على التدريس، حتى أصبح رئيس أساتذة هذه المدرسة، ومن كبار مدرّسيها، وانتهت إليه رياسة تدريس الحديث أخيرًا.
وكان أكثر اشتغاله بتدريس "سنن أبي داود"، ويدرّس في النصف الثاني من "صحيح البخاري" في آخر السنة. وبعد وفاة الشيخ عبد اللطيف مدير المدرسة آل إليه تدريس "الجامع الصحيح" بكامله، فواظب عليه مدّة طويلة، مع ضعف بصره وأمراضه الكثيرة، ولم يعتذّر عنه إلا في أول السنة الدراسية في سنة ١٣٨٨ هـ. وكان اشتغاله بالتدريس طول هذه المدّة تطوّعًا وتبرّعًا، لا يأخذ في ذلك أجرًا، ولا يبتغي جزاء، وهذا يدلّ على ورعه وإخلاصه.
وعندما سافر بصحبة شيخه السهارنفوري إلى الحجّ عام ١٣٤٤ هـ حصلت له في "الحجاز" إلإجازة العامة والخلافة المطلقة عن الشيخ خليل أحمد. وفي هذه الرحلة وأثناء إقامته في مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ في تأليف كتاب "أوجز المسالك" في شرح الموطأ لإمام دار الهجرة، وهو في التاسعة والعشرين من عمره. بدأ في تأليفه في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبارك الله له في الكتابة والتأليف، فأكمل في بضعة شهور ما لم يكمله