للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكره ابن شاكر الكتبي، في "عيون التواريخ"، ونقل عنه أنه قال: كنت في صغري، وقت اشتغالي بالعلم، أبغض إخوتي إلى أبي، لأنه كان يريدني أشتغل بالتجارة، وأنا أشتغل بالعلم، وكان ذلك سعادة منحني الله تعالى بها، فإني اكتسبتُ بالعلم مقدار أربعين ألف دينار، ووهبتها جميعًا لمن يلوذ بي، حتى إن الدار التى كنت مقيمًا فيها وهبتها لهم.

قال ابن شاكر: وأقول: إن أحدًا ما نال من السعادة ما نال تاج الدين، فإن الملك المعظم بن العادل كان صاحب "الشام"، وكان يقصد منزل تاج الدين بدرب العجم (١) راجلًا، وكتابه تحت إبطه، يقرأ عليه، ولا يكلفه مشقة المجيء إلى خدمته، وكان على بابه من المماليك الأتراك وغيرهم ما لا يكون إلا على باب ملك، وكان له من الأملاك والبساتين ما لا يحصى.

قال: وكان تاج الدين يُكثر الجلوس على دكان عطار بباب حيرون، فجاءته امرأة طلبت منه حاجة، فأعطاها، وأخرى إلى أن ضجر، فقال لها العطّار، في كلام جرى بينهما: أخذتي (٢) والله مخي.

فقال له الكندي: لا تلمها، فإنها محتاجة إليه، تريد أن تطعمه لزوجها.

ومن شعر التاج الكندي قوله (٣):

لامَنِيفي اختِصَارِ كُتْبِيِ حَبيبٌ … فَرَّقَتْ بَيْنَهُ اللَّيالي وبَيْنِي

كيف لي لو أطلتُ لكنَّ عُذري … فيه أنَّ الْمِدَادَ إِنْسَانُ عَيْنِي (٤)


(١) أي: بدمشق.
(٢) كذا على حكاية قول العامة.
(٣) كتاب "أبو اليمن" ٨١.
(٤) في كتاب "أبو اليمن": ليتني لو أطل، وفي حاشيته مثل ما هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>