ولا شُعورَ عندي بكَوْن الاستفتاء يتعلَّق بحُكْم مولانا قاضي القضاة، فالذي عندي أنَّ مشايخها المتأخِّرين لو كانوا في جهة، وهو في جهة، كان عندي أرْجَحَ وأوْثَقَ.
وكان ابن حَجَرٍ يُثْني عليه، ويُبالغ في مدحه، وكذلك كان هو في حقّ ابن حجر، رحمهما الله تعالي، فلقد كان للزمان بهما بهجةٌ.
وقد حُكِيَ أنهم سمعوا هاتفا يقول: بعد أحمد وسعد ما يفرحُ أحد.
قال السَّخاويُّ: ولم يُشْغِلْ نفسَه بالتّصْنيف، مع كثرة اطِّلاعه وحِفْظه، ولهذا
كانتْ مؤلّفاته قليلةً، فممّا عرفت منها:"الكواكب النِّيِّرات في وُصول ثواب الطاعات إلى الأموات"، و "السِّهام المارقَة في كَبد الزَّنادقة"، و "فتوى في الحبى بالتُّهْمة"، وأخْرى في "هل تنام الملائكة أم لا"، و "هل مَنْعُ الشَعْر مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم عامٌّ في جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام"، وله منظومة طويلة، سمّاها "النُّعْمانيَّة"، فيها فوائد بديعة، وله "قصيدة مخمَّسة" في مَدْحِ النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن الشِّحنة: وكتَب على "الهداية" من أوَّل الأيمان، حيث انتهتْ إليه كتابةُ السَّروجِيِّ، إلى أثناء باب المرْتَدِّ من كتاب السِّيَر، سِتَّ مُجلَّدات، وهى عندى بخطّه، باعَها ولدُه تاجُ الدين لابن الصوّاف، ثم "قطعة السَّرُوجيِّ"، ثم لما مات ابن الصَّوَّاف بِيعَا في تَرِكته، فاشْتريتُها مما اشتراهما من تركته، وسلَك في هذه القطعة طريق السَّروجيِّ في الاتِّساع في النقل لا غير؛ فنقلَ كلام ابن حَزْم بحُروفه، وكلام ابن قُدامةَ، وغيرهما، وربَّما يتعقَّب ذلك بمنْقول أئمَّتنا.
وأورد له السَّخاوِيُّ في "ذيله" المذكور من نظْمه قولهَ (١):