للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولايته، وكثُير متَحَصِّتلُها بعد أن كان تلاشَي أمرها، بكَثْرة ما بِيْع منها أنْقاضا واسْتبْدالا بالذهب أو الفضّة.

وذكره السّخاويّ في "ذيله" على "رَفع الإصْر"، وبالَغ في الثَّناء عليه، ثم قال، بعد أن عدَّد شيئا من محفوظاته، وعدَّد جماعة ممن أخذ عنهم، أو لَقِيَهم؛ كالشمس القُونَوِيّ، وصَاحب "دُرَر البحار"، والمولى حافظ الدين البزَّازِيّ صاحب "الفتاوى" المشهورة: وكانتْ ولايته لقضاء الحنفية بعد امْتناعٍ منه، وإلْحاح عليه، وعزَل نفسَه غيرَ مرَّة، ثم أُلْزِمَ، وأعيد.

وكان إماما عالما، علامة، جبَلا في استحضار مذهبه، قويَّ الحفاظة، حتى بعد كِبَر سِنِّه، سريعَ الإدراك، شديد الرَّغبة في المباحثة في العلم مع الفضلاء والأئمة، مُقتدرا على الاحتجاج لما يَرُومُه، ذا عناية تامَّة بالتفاسير والمواعيد، يحفظ من مُتون الأحاديث ما يفوق الوصف، غيرَ مُلْتزِمٍ للصَّحيح من ذلك، وعنده من الفصاحة وطَلاقة اللسان في التقرير ما يُعْجَزُ عن وَصْفه، لكن مع الإسْهاب في العبارة، فصار مُنْقَطِع القَرين، مَفْخَرَ المِصْرَين، ذا موقعٍ وجلالة في النفوس، وارْتفاع عند الخاص والعام على الرءوس، بحيث إنه عرَض على كلّ من الشيخ كمال الدين ابن الهُمام، والأمين الأقْصُرائيِّ الاستقرار في منصب القضاء عِوَضًا عنه، [فامتنع، مُصرِّحا] (١) بأنه لا يُحْسِن التَّقدُّمَ مع وُجوده.

وقَدِمَ الكمال ابن الهُمام مرّة من الحجّ، فأوّل ما ابتدأَ قبلَ وصوله إلى بيته بالسّلام على السَّعْد في "المؤَيَّدِيَّة"، وعُقِد مَرَّة عنده مجلس في "الصالحيّة"، فسُئل به الأمينُ الأقْصُرائيِّ عن شيء كان أفْتَى فيه في قضية تتعلَّق بحكم حكم به القاضي سعد الدين، فأجاب بقوله: أنا (٢) أفْتيت،


(١) في ذيل رفع الإصر: فامتنعا مرحين. وهو الصواب.
(٢) في النسخ "إن" والمثبت في رفع الإصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>