طِيبُ العناصر، فحَمِدَ مِن صباحِ قَصْدِه السُّرَي، وعَلِم أْنّ كل الصَّيدِ في جوف الفرَا.
إنَّ الكريم إذا قصدت جَنابَه … تلْقاه طَلْقَ الوجهِ رَحْبَ المنزل
وها هو في ظل عزِّه رَخِيُّ البال، متميَّيزُ الحال، آمن من صَرَفان الدهر، وحَدَثان القهر، يرْتَع في رياض فضله، ويخْرج من طّلِّ جوده ووَبله، قد عَجز عن الشكر لسانُه، وكَلَّ عن رَقْم الحمد بَنانُه، لم يفْقِدْ من تَفَيُّئ رأفته ظلالا، ولم يقل لصُدْح آماله انْتِجِعِي بلالا، وبه حقَّق قول القائل من الأوائل (١):
ولما انْتَجعْنا لائذين بظلِّه … أعان وما عَنَّى ومَنَّ وما مَنَّى
ورَدْنا عليه مُقْترِين فرَاشَنا … ورُدْنا نَداهُ مُجْدِبين فأخْصَبْنا
وجملة ما يقوله في العجز عن حمده، وشكره، والثناء علَى جوده وبرِّه:
أما وجميلِ الصُّنعِ منه وإنَّها … أليَّة بِرٍّ مثلُها لا يُكفَّرُ
لو اسْطَعْتُ حوَّلتُ البّرِيَّة ألْسُنا … وكنتُ بها أُثْنِي عليه وأشْكُرُ
وذكره العلامة بدر الدين الغَزِّيُّ العامريُّ، عالم "دمشق"، بل عالم "الدِّيار الشاميَّة" بأسْرِها، في "رحلته إلى الدّيار الروميَّة"، وبالغَ في الثناء عليه، وقال: قاضي قضاة المسلمين، وأولى وُلاة الموَحِّدين، وَينْبُوع العلم واليقين، العادل العَدْل في أحكامه، والمراقب لله في فعله وكلامه، عَينُ إنسان الزمان، وإنسان عين البيان، قاضى "القُسْطَنطِنِيَّةِ"، سعدي بن عيسى بن أمير خان، ما قُرِنَ به فاضل في "الروم" إلا رجَحه، ولا أُلقِيَ إليهْ مُهِمُّ من العلم إلا كشفَه وأوْضَحه، له صادقات عزائم، لا تأخذُه في