للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله لومة لائم، إلى عِفَّة ونِزاهة وديانة، وهمَة عالية وصيانة، وطَلاقة وجْه، مع خَلْق وَضِيٍّ وخُلُقٍ رَضِيٍّ، إلى أن قال، أعنى صاحب "الرحلة": وكان يُكرمني، ويُجِلُّني عند ما أجتمع به، ويمْدحني عند الناس بالعلم، ويصفُني بالفضيلة التامة والمعرفة الجيِّدة. وافْتخار البدر بتربية السعد، دليل واضح على عُلُوِّ شأنه، ورفيع مكانه.

وأورد في "الرحلة" طرفا يسيرا من مدائح السَيّد عبد الرحيم العبّاسيِّ المذكور في حقّه، فمن ذلك ما كتبه إليه، وقد عمَّر منزلا، وسكن فيه يوم النَّوْروز:

يا عظيما دونه شمس الضُّحَى … بدليل قطُّ ما فيه خَفَا

هى بالمنزل تُعْطى شرَفا … وبك المنزلُ يُعْطى الشَّرفا

وكتب إليه أيضا يمدحه، وهو قاض إذ ذاك بـ "القُسْطَنْطِينية"، وكان زمن النَّوْروز أيضا، قوله:

قَرَّتْ عيونُ العلا مذ بِتُّ راعيها … وبالثناء شذَت إذ صرْتَ واعيها

ومنك قد أشْرقت أيامُها وغدَتْ … من مدِّها بالسَّنا بيضا ليَاليها

وكيف لا يُبْهِجُ الأيام سُؤْدُدُ مَن … سَمَتْ معاليه عن قَرْمٍ يُسَاميها

لا تسألنَّ سوى عَلْياه عنه تُصِبْ … فالدارُ تُنْبِئُ عن مقدار بانيها

كأنه نسخةٌ في المجد مُثْبَتةٌ … ومَن عَداه دخيل في حَواشيها

انظر بعَينيك في الأشخاص هل تَرَمَنْ … يولي المعالي سواه أو يُواليها

واسْتَخْبِرِ البِيضَ عن مقدار هِمَّته … يُخْبِرْك بالعجز منها عن مَواضيها

واسْتَفْهم السُّمْرَ عن أدْنى عزائمه … تُجِبك عن كُنْه عَلْياها عَواليها

يا من يقيس جداه بالسحاب أفق … فالبحر يعجز عنها إذ يجاريها

جَدْواه مال وجَدْوَى السُّحْبِ جود حيا … فالفرق كالصبح يبدو في دَياجيها

أكْرم به بَشَرا أنْشاهُ بارئُه … على خلال تعالت عن مباريها

آثاره لك بالتفضيل مفصحة … عن حُسْن ظاهرها منه وخافيها

<<  <  ج: ص:  >  >>