الثَّمانْ، ثم صار مُفْتيا بـ "الديار الروميَّةْ"، وبالغَ في الثناء عليه، وأرَّخْ وفاتْهْ سنة خمس وأربعين وتسعمائة، رحمه الله تعالى.
وكان المولى سعْدي جمَّاعا لنفائس الكتب، مَلَك منها شيئا كيثرا، قَلَّما رأيت كتابا بـ "الديار الرومية" إلا وعليه خطُّه بالمِلْكية.
وله من التصانيف:"حاشية" على "الهداية"، و "شرحها" للشيخ أكْمل الدين، وهي من الكتب المهِمَّة الكثيرة النَّفْع، المتداوَلة بين أهل الفضل، وكفَى بها دلالةً علَى وُسْع اطِّلاعه، واطِّلاعا على دِقَّة فهمه، وقد تركها مُسَوَّدة، وإنما جمَعها ورتَّبها على هذا الأسلوب تلميذه عبد الرحمن أفندي، وكان في الصِّناعة قليلَ البضاعة، فربما رأى في بعض الأماكن حاشية لم يجعل المصنِّف لها علامة، فينْقُلها في غير محلِّها، فيأتي مَن لا علمَ له ويعترض على المؤلِّف، والبلاء من سوء فهم الذي جمَع.
وله "حاشية" على "تفسير القاضي"، لم تكْمُل، وهي مشهورة، متداوَلة في أيدي الناس، وقد أخْبرني بعضُهم بـ "الديار الرومية"، أن المصنِّف أكْمَلَ الحاشية المذكورة قبلَ وفاته. ولم أتحقَّق ذلك، والله تعالى أعلم.
وكان رحمه الله تعالي، كثير الكتابة وسَريعها، حتى إن ما كتبه لو جُمِع لكان ربما يزيد على خمسين مجلَّدا، وأخبرني الصديق الأعزُّ أحمد جلبي ابن قاضي القضاة حسن ابن عبد المحسن، أنه رأى بخطِّه "مُغْني اللَّبيب" لابن هشام، وله على هوامشه بعض أبحاث لطيفة. وله كتابة على بعض نسخ "القاموس"، جمعها الشيخ الفاضل، بدر الدين القَرافيُّ المالكيُّ، مع حواشٍ أُخَرَ لبعض البَلْقينيَّة عليه في كتاب مُستقِلٍّ، رأيتُه بخطِّه. وله من الرسائل والتَّحارير والتّعاليق على هوامش الكتب، وما لا يُعَدُّ ولا يُحْصي، هذا مع اشتغاله تارةً بالأحكام الشرعية، وتارة بالكتابة على الفتاوى الفرعية، وتارة بالعبادة. رحمه الله تعالى.