وكان رحمه الله ذا مهابة عظيمة، وتؤدة جسيمة، فلمّا يقع في مجالسه للعظام المبادرة بالخطاب والكلام، وكان واسع التقرير، سائغ التحرير، يلتقط الدر من كلمه، ويتناثر الجوهر من حكمه، إذا نثر تراه بحرا زاخرا، وإذا نظم قلد جيد البيان درا فاخرا.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله تعالى: سيجئ ذكر والده، وقد طالعت تفسيره، وانتفعت به، وهو تفسير حسن، ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، متضمّن لطائف ونكات، ومشتمل على فوائد وإشارات. وقال صاحب "الكشف"، وانتشرت نسخه في الأقطار، ووقع له التلقّى بالقبول، من الفحول الكبار، لحسن سبكه، ولطف تعبيره، فصار يقال له: خطيب المفسّرين، ومن المعلوم أن تفسير أحد سواه بعد "الكشّاف" والقاضى لم يبلغ إلى ما بلغ من رتب الاعتبار والاشتهار، انتهى. وفي "النور السافر في أخبار القرن العاشر" للشيخ عبد القادر بن عيدروس (١) الهندى في سنة
(١) هو عبد القادر بن شيخ عبد الله العيدروس أبو بكر بن محي الدين اليمني الحضرموتي الهندي، ولد يوم الخميس لعشرين خلت من ربيع الأول سنة ٩٧٨ هـ بمدينة "أحمد آباد" من بلاد "الهند"، قرأ عدّة متون على جماعات من العلماء، وتفرّغ لتحصيل العلوم الثمينة، وأعمل الهمّة في تحصيل الكتب المفيدة، ووقف على أشياء غريبة، مع ما تلقّاه من المشايخ، وصارت بمصنّفاته الرقاق، وقال بفضله علماء الآفاق، منها: "الفتوحات القدسية في الخرقة العيدروسية"، و "الحدائق الخضرة في سيرة النبي وأصحابه العشرة"، وهو أول تصانيفه، و "المنتخب المصطفى في مولد المصطفى"، و "الدر الثمين في بيان المهم من الدين"، و "إتحاف الحضرة العزيزة بعين السيرة الوجيزة"، و "المنهاج إلى معرفة المعراج"، و "الأنموذج اللطيف في أهل بدر الشريف"، و "أسباب النجاة والنجاح في أذكار المساء والصباح"، و "الحواشي الرشيقة على العروة الوثيقة"، و "منح الباري بختم البخاري"، و "تعريف الأشياء بفضائل الأحياء"، و "عقد اللآل بفضائل الآل"، و "بغية =