وكان القياس أن لا يجب عليه شئ، فترك القياسَ، وأخذ بالخبر المروي عن عائشة، وابن عمر، رضى الله عنهما، أنهما أوجَبَا فيه كفارة يمين.
وقال من خالفه: لا شئ عليه إلا التوبة، فأخذَ القياسَ.
٥ - مسئلة: ولو أن رجلًا اشترى شيئًا بألف درهم، وقبضه، ولم ينقد الثمن، ثم باعَه من البائع بخمسمائة درهم.
قال أبو حنيفة: بيع الثاني لا يجوز، وكان ينبغي في القياس أن يجوز، فترك القياس، وأخذ في ذلك بخبر روي عن عائشة، رضى الله عنها، أنها قالتْ للمرأة التي سألتها عن هذا البيع: أبلغي زيدَ بنَ أرقم أن الله تعالى أبطلَ جهادَه مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إن لم يتبْ.
وقال من خالفه: يجوز بيعُه، فأخذ بالقياس، وترك الخبر.
٦ - مسئلة: ولو أن رجلًا باع من ذمّي خمرًا.
قال أبو حنيفة: جاز بيعه.
وكان ينبغي في القياس أن لا يجوز، فترك أبو حنيفة القياسَ، وأخذ بالخبر الذي روي عن عمر أنه قال: ولوهم بيعها، وخذوا العُشر من أثمانها.
وقال من خالفَه: لا يجوزُ بيعُه، وأخذ بالقياس وترك الخبر.
٧ - مسئلة: ولو أن رجلًا اغتسلَ من الجنابة، ولم يتمضمضْ ولم يستنشقْ، وصلى على ذلك.
قال أبو حنيفة: لا يجوزُ ما لم يتمضمضْ، ويستنشقْ.
فرآها فرضين في الجنابة، وكان القياس أن لا يكونا فرضين، فترك القياس، وأخذ بخبر الواحد، وهو ما روى عن ابن عبَّاس، رضى الله تعالى عنهما، أنه قال: مَنْ تركَ المضمضةَ، والاستنشاقَ في الجنابة، وصلّى، تمضمض، واستنشق، وأعادَ ما صلَّى.
وقال مَنْ خَالَفَه: المضمضة والاستنشاق غير مفروضين في غسل الجنابة، فأخذ بالقياس، وترك الخبر.