للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الربيع بن الشيخ ناصر الدين الحنفيِّ، فقيه تأدَّب، فبرع وبلغ من الغاية من أوّل ما شرعَ، نظَم سائر الفنون، وصَدَح معه في أيْكِ الأدب والغُصون، وقَعدَتْ معه التوريَة" فأطْرَبتْ" وزادت مَحاسنُ نظمه على الرياض وربَتْ.

وكان طارحا للكُلْفة، عديم الوَقْفة، لا يأنَس إلى وَطَنِ المناصب، ولا يُفرِّق بين الشِّيعة والنواصب، قد أصبح في عالَم الإطلاق، وتمسَّك بما يُودِّي إلى مكارم الأخلاق، جاب البلاد، وجال بين العباد ولم يدَعْ شاما إلا شامَ بَرْقَه، ولا عراقا إلا ونَبَش عِرْقَه، ولا حِجازا إلا وكشف حجابه ولا يَمَنًا إلا وأمَّ مُلوكَه وأَرْبابَه، ووَليَ مناصبَ القضاء وغير ذلك، وانسلخ من الجميع قائلا:

* وما الناس إلا هالك (١).

طالما تمزو الفقر وتمزَّق، وأنِفَ من ذلك فتزوَّد للرُّتَب العالية وتزَوَّق:

يوما يَمانٍ إذا لاقيتُ ذا يمَنٍ … وإن لقيتُ مَعَدِّيًّا" فعَدْنانِي (٢)

ولم يزل يُنْجد ويغيرُ، يقطع مسافةَ الآفاق بالمسير، حتى ابْتزَّه الدَّهرُ ثوب حياته، والتقطَه طائرُ الموت فيما التقَط من حَباته. انتهى.

ومن شعره الذى رواه الصَّفَذِيُّ عنه (٣):

قال حبيبي زُرْني ولكن … يكون في آخر النهار

قلتُ أُدارِي الورَى وآتِيِ … لأيّ دارٍ فقال داري

ومنه أيضا (٤):


(١) هنا صدر بيت، عجزه: "وذو نسب في الهالكين عريق".
وهو في العقد الفريده ٣: ١٧٥، لأبي نواس، وانظر ديوانه ١٩٢.
(٢) البيت لعمران بن حطان، انظر العقد الفريد: ٣: ١٣.
(٣) الدرر الكامنة: ٢: ٢٤٥، والوافي بالوفيات: ١٥: ٣٨٤.
(٤) الوافي ١٥: ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>