إذا ما الناس يومًا قَايَسُونَا … بمُعْضِلةٍ منْ الفُتيَا لَطِيفَهْ
أَتيْنَاهُمْ بمِقْياسٍ صَحيحٍ … بَديعٍ مِن طِرَاز أبي حَنيفه
إذا سَمعَ الفقيهُ به وَعَاهُ … وأثبَتهُ بحِبْرٍ في صَحِيفهْ
وعن الحسن بن الربيع، قال: سمعتُ عبدَ الله بنَ المبارك، يقول:
رأيتُ أبا حنيفة كلَّ يَوْمٍ … يزِيدُ نَباهَةً ويَزيدُ خِيرًا
ويَنْطِقُ بالصَّواب ويصْطفِيهِ … إذا ما قال أهلُ الحقِّ حُورا
يُقايسُ مَن يُقايسُه بلُبٍّ … ومَن ذا تجعلُونَ له نَظيرًا
كَفانا فَقْدَ حَمَّاد وكانتْ … مُصِيبتُنا به أمْرًا كَبيرًا
رَأيتُ أبَا حنيفةَ حين يُؤتَى … ويُطلبُ عِلمهُ بَحْرًا غَزيرًا
إذا ما المشْكِلاتُ تدافعَتْها … رِجَالُ العِلم كانَ بهَا بَصيرًا
وقال بعضهم يرثيه بقصيدة، أظنّها لصاحب "المناقب"، منها:
لقَدْ طَلَعَ النُّعمانُ من أرْضِ كوفةٍ … كَغُرَّةِ صُبْح يَسْتفِيضُ انبلاجُهَا
هو المرتَضى في الدِّين والمقتدى به … وصَدرُ الورَى في الخافقيْنِ وتاجُها
إذا مرض الإسلامُ والدِّينُ مَرْضَةً … فمِن نُكَتِ النُّعمانِ يُلفى عِلاجُها
وإن كسَدتْ سُوقُ الهُدى وتوجعت … فمِن مذهب النُعمان أيضًا رواجُهَا
وَإنْ فُتِحتْ أبْوابُ جهْلٍ وبِدْعَةٍ … على الناسِ يَوْمًا كان منه رتَاجُها
وإن غُمَّة فمِنهُ انْجلاؤُهَا … وإن شِدةٌ ضاقت فمِنه انْفراجُها
سَقَاهُ إلهُ الخَلْق في الخُلْدِ شَرْبةً … بكأسٍ من الكافُور كان مِزاجُهَا
وقال عبد الله بن صهيب الكلبى: كان أبو حنيفة يتمثَّل كثيرًا بهذين البيتين، وهما:
عَطاء العَرْشِ خيرٌ من عطائِكمُ … وسَيْبُهُ واسِعٌ يُرْجَى ويُنتظَرُ
أنتم يُكدِّرُ مَا تُعْطُونَ مَنُّكُمُ .. والله يُعْطي فلا مَنٌّ ولا كَدَرُ