فاروق بن علي العبّاسي الجرياكوتي، ثم أقبل إلى المنطق والحكمة، وأخذ عنه، وبرز فيه، ولازمه مدّة طويلة، ثم سافر إلى "رامبور"، وأخذ الفقه والأصول عن الشيخ إرشاد حسين العمرى الرامبوري، ثم ذهب إلى "لاهور"، وأخذ الفنون الأدبية عن الشيخ فيض الحسن السهارنبوري، شارح "الحماسة"، ثم دخل "سهارنبور"، وقرأ الحديث على الشيخ أحمد على بن لطف الله الماتريدي السهانبوري، حتى فاق أقرانه في الإنشاء والشعر والأدب والتاريخ وكثير من العلوم والفنون، وكان متصلّبا في المذهب في ذلك الزمان، صرف برهة من الدهر في المباحثة بأهل الحديث، وصنّف "إسكات المعتدي"، رسالة في قراءة الفاتحة خلف الإمام.
ثم ولي التدريس بمدرسة العلوم في "عليكرة"، فصحب الأساتذة الغربيين، وأدار معهم كؤوس المذاكرة، وصحب السيّد أحمد بن المتقي الدهلوي وحزبه، حصل له نفور كلّي عن المباحثة، ومال إلى التاريخ والسير، فصنّف كتابا في سيرة المامون العبّاسي، و"سيرة النعمان" في سيرة الإمام أبي حنيفة، وكتابه "الجزية وحقوق الذمّيين"، وكتابا في تاريخ العلوم الإسلامية وتعليماتهم، وكلّها تلقيّت بالقبول، وحصلت له شهرة عظيمة في بلاد "الهند"، وسافر إلى "بلاد الروم"، و"الشام"، و"مصر"، ولقي رجال العلم والدولة، وأعطاه السلطان عبد الحميد العثماني النيشان من الطبقة الرابعة، ولما رجع إلى "الهند" لقّبتْه الدولة الإنكليزية "شمس العلماء"، فأقام بعد ذلك زمانا يسيرا بمدرسة العلوم، ثم اعتزل، وراح إلى "حيدر آباد"، فرحَّب به السيّد علي البلكرامي، وأكرم مثواه، وولّاه نظارة العلوم والفنون، فأقام بها خمس سنين، ثم ترك الخدمة، وقنع بمائة ريبة شهرية بدون شرط الإقامة بـ"حيدر آباد"، فقدم "لكنو".
وأقبل إلى ندوة العلماء، وكان عضوا من أعضائها البارزين، فولّوه على دار العلوم التي أسّسها أعضاء الندوة سنة سبع عشرة وثلاثمائة وألف، فاشتغل