للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمره في بلاده، وكان لا يصدر إلا عن رأيه، وسبب إقباله الزائد عليه أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة، وهي أن السلطان كانت أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس، وعجزت عن علاجه الأطبّاء، وكان سببها أن السيّد علي بن علوي دعا عليه بجرح لا يبرئ، فلمّا أقبل السيّد شيخ بن عبد الله، ورآه على حالته أمره أن يجلس مستويا، فجلس من حينئذ، وبرئ منها، وكان السلطان إبراهيم رافضيا، فلم يزل به، حتى أدخله في عداد أهل السنّة، فلما رأى أهل تلك المملكة انقياد السلطان إليه أقبلوا عليه، وهابوه، وحصل كتبا نفيسة، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرة، وكان عزم أن يعمّر في "حضرموت" عمارة عالية، ويغرس حدائق، وعيّن عدّة أوقاف تصرف على الأشراف، فلم يمكنه الزمان، وغرق جميع ما أرسله من الدرهم في البحر.

وله مصنّفات عديدة، منها: كناب في الخرقة الشريفة، "سمّاه السلسلة"، وهو غريب الأسلوب، ولم يزل مقيما عند إبراهيم عادل شاه، حتى مات السلطان، فرحل إلى "دولت آباد" (١)، وكان بها الوزير فتح خان بن الملك عنبر، فقرّبه، وأدناه، وأقام


(١) "دولت آباد": كانت مدينة ضخمة، عظيمة الشأن، موازية لحضرة "دهلي" في رفعة قدرها، واتساع خطتها، وكانت منقسمة على ثلاثة أقسام، أحدها: "دولت آباد"، وبها سكنى للسلاطين الخلجية والتغلقية وعساكرهم. والثاني: "الكتكة" بفتح الكافين، والتاء المعلوة بينهما، والقسم الثالث: القلعة التي لا نظير لها في الحصانة، وتسمى "ديوكير" بكسر الدال المهملة وسكون الياء والواو مدين، وكسر الكاف الفارسية، وسكون التحتية، والراء المهملة، وتلك القلعة على جبل، ارتفاعه خمسمائة قدم، منها خمسون ومائة قدم عمودية تقريبا، ويدخل إليها من مدخل ضيق منحوت في الصخر، وهي من أبنية الهنادك، فتحها علاء الدين الخلجي، صلحا سنة ٧٠٢ هـ، ثم فتحها قطب الدين بن علاء الدين المذكور عنوة سنة ٧١٨ هـ، ولم يبق من تلك الأقسام اليوم إلا القلعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>