من "صحيح البخاري"، فقضى ما بقي من حياته بجوار أساتذته الكرام، مثل الشيخ نور الإسلام القديم، والشيخ إسحاق الغازي، رحمهما الله، فأفاد وأجاد ونشر ما حصل، واستفاد من العلوم والحكم والمعرفة. ولحق بجوار سبحانه وتعالى في النصف والثامنة من صباح يوم الأحد ١٣ ذي القعدة من ١٤٢٨ هـ، الموافق ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧ عـ. فرحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجعل الجنّة مثواه.
وقد عانى الشيخ صدّيق الله في طلبه العلم منذ نعومة أظفاره ما يعانيه الأبطال والفحول في هذا الشأن فقد قضى جلّ سنة بإزار، قضى من الأيام بغير فطور وأحيانا بغير غداء أو عشاء. ولكن ما حالت أيّ حالة دون تحصيله العلم. ولما ارتحل للعلم لم يكن، عنده من الزاد ولو قليلا، إلا ما كان لأجرة المرور فحسب.
كان قليل النوم، مراعيا للنظام، محافظا للأوقات في أيام طلبه وتعليمه. يكاد يستحيل أن يكون غائبا عن درس. كان متأدّبا، ومراعيا لآداب الطالب مع الشيخ. فمرة ذهب أستاذ له إلى القرية التي كان يسكن فيها وهو لا يعلم، فلمّا علم أن أستاذه قد جاء ولم يلق هو معه ندم وتحسّر كثيرا، وتيقّن أن عدم علمه بقدوم الأستاذ وعدم لقاءه معه سوء أدب. فلمّا ذهب إلى المدرسة دخل عليه، وسقط على رجلي الأستاذ، وبكى بكاء شديدا، ولم يقل شيئا، فتعجّب الأستاذ وتحيّر من شدّة بكائه، ولم يفهم شيئا من شأنه. فلمّا قصّ التلميذ صدّيق الله على الشيخ ما وقع قال الشيخ: سبحان الله! أنا لا أعلم أنّك تسكن في هذه القرية، وأنت لا تعلم أني ذهبت إليها، فكيف يكون هذا سوء أدب؟! ثم سلاه الأستاذ، ودعا له كثيرا.
كان مراعيا، متيقّظا للحقوق العائلية، يعمل في الحقول مع الفلّاحين، يصيد السمك، ويزرع الخضروات. كان يطبخ الطعام بيده، كما كان يلاعب